الكمالات الأولى للجسم هى الصورة الجسمية ، والكمالات الثانية هى الأشكال وصورها الحافظة لطبائعها.
** التخلخل والتكاثف
كالماء إذا استحال هواء فإن الصورة الجسمية فى الماء تبطل وتحدث صورة جسمية أخرى. وإذا كانا بالعرض فإنها لا تتغير فإن الهواء يتخلخل نهارا بالشمس ، ويتكاثف بالليل ، ولا تتغير صورة الجسمية فى الهواء البتة بذلك عند ديموقراطيس أن الجسم فيه أجزاء بالفعل وحدانيات (1) لا تقبل الانفصال إلا فرضا وتوهما ، لا فعلا ، والجسم مؤلف منها ، وهى متماسة غير متصلة وطبائعها متشاكلة واعترض عليه بأن قيل : إن كانت طبائعها واحدة فما بال كل واحد من تلك الأجزاء الواحدانية تقبل الاتصال وتأبى الانفصال فى ذاته؟ وما بال كل تلك الأجزاء تكون متماسة غير متصلة وطبائع الكل والجزء واحدة حتى إن الجزءين فى أنهما لا يلتحمان والجزء فى أنه لا ينفصل ولا يفترق اثنين أمر بطبيعتها ، فإذا هو محال. والجسم من حيث جسميته يقبل الاتصال والانفصال ، وليس فيه أجزاء بالفعل. فإذا كان جسم كالفلك مثلا لا يقبل الاتصال والانفصال فلصورته النوعية لا لجسميته.
قالوا : إن الهيولى من حيث هى هيولى شىء ، ومن حيث هى مستعدة شىء ، فالاستعداد صورتها. وليس كذلك فإن الاستعداد هو نفس الهيولى وهذا التحديد الذي حدت به وهو أنه أمر مستعد لا يكثرها فان البسائط تحد بحد يشتمل على الجنسين والفصل. وليس الجنس والفصل موجودين فى المحدود حتى يكون المحدود له جزءان ، بل هما جزءا الحد. وقولنا أمر مستعد ليس يجب منه أن يكون مركبا كما نقول فى أشياء بسيطة إنها أمر بصفة كذا ، ونقول فى الوحدة إنه عدد غير منقسم ، وليس هناك تركيب وإلا لم تكن وحدة ، وكما نقول فى الأول إنه واجب الوجود وليس هناك تركيب.
الحيوانية واللونية والعددية والمقدارية معان غير محصلة (2) ما لم تتنوع. فالعدد لا معنى له إلا أن يكون اثنين أو ثلاثة ، والحيوانية معنى مشترك يخترعه العقل بين الإنسان والفرس وغيرهما عند المقايسة ، والعددية يقع فيها الاشتراك من حيث إن لهذه الأنواع العددية معنى مشتركا فيه كالحيوانية لأنواعها. وأما الجسم فله وجود محصل ليس نسبته إلى النارية مثلا نسبة العدد إلى الاثنينية ، والمقدار إلى الخط ، والسطح والجسمانى. وكذلك اللون ، فإن السواد إذا استحال بياضا وكان كل واحد منهما محسوسا ولكن هذا المعنى هو اللونية فليست محسوسية البياض هى بعينها محسوسية السواد بل مثلها ، بل اللون فى البياضية
Bogga 55