وابتسم الأستاذ ابتسامة أوحت بأنها تحية الختام فنهض أحمد مادا يده، وسلم ثم غادر الحجرة ممتلئا حياة وسعادة. وفي الصالة الخارجية ذكر الاشتراك والمقالة فمال إلى الحجرة المجاورة، وطرق الباب مستأذنا ثم دخل. رأى حجرة بها ثلاثة مكاتب، اثنان خاليان، والثالث جلست عليه فتاة. لم يكن يتوقع هذا فوقف ينظر إليها في حيرة وتساؤل. كانت في العشرين، عميقة السمرة، سوداء العينين والشعر، وكان في أنفها الدقيق وذقنها المدبب وفمها الرقيق ما يوحي بالقوة، دون أن يفسد ملاحتها. تساءلت وهي تتفحصه: أفندم؟
فقال يعزز مركزه: الاشتراك ..
ودفع المبلغ وأخذ الإيصال، وفي أثناء ذلك كان قد تغلب على ارتباكه فقال: كنت قد أرسلت مقالة إلى المجلة، وأخبرني الأستاذ عدلي كريم بأنها في السكرتارية.
وهنا دعته إلى الجلوس على كرسي أمام المكتب فجلس ثم سألت: عنوان المقالة من فضلك؟
قال دون أن يشعر بارتياح لموقفه هذا أمام فتاة: التعليم عند لوبون.
ففتحت دوسيها، وفرت أوراقا حتى استخرجت المقال، ولمح أحمد خطه فخفق قلبه، وحاول أن يقرأ التوقيع الأحمر عليه من مجلسه غير أنها وفرت عليه عناء المحاولة إذ قالت: موقع عليه بما يأتي «يلخص وينشر في باب رسائل القراء.»
فشعر أحمد بخيبة أمل، ولبث لحظات ينظر إليها دون أن ينبس، ثم تساءل: في أي عدد؟ - في العدد القادم.
فسأل بعد تردد: ومن الذي يلخصه؟ - أنا.
وداخله شعور بالامتعاض، لكنه سأل: ويوقع عليه باسمي؟
فقالت ضاحكة: طبعا، ينشر عادة ما يفيد بأنه جاءتنا رسالة من الأديب (ثم وهي تنظر في الإمضاء): أحمد إبراهيم شوكت ثم نورد تلخيصا وافيا لفكرتك!
Bog aan la aqoon