الدليل الثاني: من الأدلة القرآنية
وهذا النص أيضا من آخر ما نزل من القرآن الكريم في موضوع الصحابة وهو قول الله عز وجل: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم}.
فهنا أخبر الله عز وجل بثلاث طوائف كانت كلها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
الطائفة الأولى: السابقون من المهاجرين هم المهاجرون الهجرة الشرعية المقصودة بالثناء، وهذا يحتمل معنيين نظرا لدلالة (من) في الآية الكريمة.
فإن كانت من بيانية؛ فالسابقون الأولون هم المهاجرون كلهم والأنصار كلهم وهذا يتفق مع ما قررناه ويصبح المعنى: السابقون (الأولون) الذين هم (المهاجرون والأنصار).. فهي تقوم مقام الاسم الموصول.
والسابقون من المهاجرين هم الذين هاجروا أيام هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بعدها بقليل.
وإن كانت (من) تبعيضية فهذا قيد يخرج المتأخرين من المهاجرين.
والمتأخرون من المهاجرين على هذا قسمان تقريبا:
قسم هاجر بعد بدر إلى بيعة الرضوان، وهم المهاجرون في فترة الضعف..
وقسم هاجر بعد الرضوان إلى فتح مكة، وهؤلاء مهاجرون لغة أو عرفا لا شرعا لانقطاع الهجرة بفتح الحديبية على الراجح.
لكننا سنترك بحث من هاجر قبل الرضوان ونعتبره من أصحاب الصحبة الشرعية لأدلة أخرى لا تتناقض مع هذه الآية، فدلالة (من) في الحالتين ظنية لكن مجموع الدلالتين قطعية في خروج من سوى المهاجرين والأنصار من مسمى الاتباع، وهو الاسم الشرعي لمن جاء بعد المهاجرين والأنصار.
أما المهاجرون والأنصار فلا نشك أن السابقين من هؤلاء وهؤلاء أفضل من اللاحقين، ويدخل في حكم المهاجرين أصحاب أبي بصير لأنه حيل بينهم وبين الهجرة قبل الصلح.
Bogga 76