145

Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan

خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان

Noocyada

وأما الدليل الثاني فلو لم يكن فيه إلا الروايات الضعيفة لكان مردودًا كسابقه، لكن بعض تلك الروايات صحيحة ثابتة، والروايات الضعيفة في معناها، فلم تخرج عن محتواها، وسيأتيك توجيه تلك الروايات عند بيان القول الحق في هذه المسألة، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك عند القول الثاني السابق قال الإمام ابن القيم – عليه رحمة الله تعالى –: في حديث عائشة – رضي الله تعالى عنها – ما يدل على أن الذين يلحقون بآبائهم منهم هم الذين علم الله أنهم لو عاشوا لاختاروا الكفر، وعملوا به، فهؤلاء مع آبائهم، ولا يقتضي أن كل واحد من الذرية مع أبيه في النار، فإن الكلام في هذا الجنس سؤالًا وجوابًا، والجواب يدل على التفصيل، فإن قوله – ﷺ –: "الله أعلم بما كانوا عاملين" يدل على أنهم متباينون في التبعية بحسب نياتهم في معلوم الله – جل وعلا – فيهم، بقي أن يقال: إن الحديث يدل على أنهم يلحقون بآبائهم من غير عمل، ولهذا فهمت عائشة – رضي الله تعالى عنها – ذلك منه، فقالت: بلا عمل؟ فأقرها عليه، فقال: "الله أعلم بما كانوا عاملين"، ويجاب عن هذا بأن الحديث إنما دل على أنهم يلحقون بهم بلا عمل عملوه في الدنيا، وهو الذي فهمته عائشة – رضي الله تعالى عنها –، ولا ينفي هذا أن يلحقوا بهم بأسباب آخر، يمتحنهم بها في عرصات القيامة، كما سيأتي بيانه إن شاء الله – تعالى – فيحنئذ يلحقون بآبائهم، ويكونون منهم بلا عمل عملوه في الدنيا، وعائشة – رضي الله تعالى عنها – إنما استشكلت لحاقهم بهم بلا عمل عملوه مع الآباء، وأجابها النبي – ﷺ – بأن الله – ﷾ – يعلم منهم ما هم عاملوه، ولم يقل لها: إنه يعذبهم بمجرد علمه فيهم، وهذا ظاهر بحمد الله، لا إشكال فيه (١) .

(١) انظر طريق الهجرتين، وباب السعادتين: (٥٠٨-٥٠٩) .

1 / 145