الفصل الثالث فصل فى تعريف سبب تعاقب الحر والبرد
قد يعرض فى هذه العناصر؛ بل وفى المركبات منها، شىء يسمى التعاقب، وهو أنه إذا استولى حر على ظاهر بارد اشتد برد باطنه وبالعكس. ولهذا ما توجد مياه الآبار والقنى فى الشتاء حارة، وفى الصيف باردة.
وقد اختلفت الأقاويل فى هذا.
فقائل إن الحرارة والبرودة تنهزم إحداهما من الاأخرى، كأنها تهرب من عدوها. فإذا استولت عليها من الظاهر انهزمت غائرة؛ وإن استولت عليها من الباطن انهزمت ظاهرة، وكما يظن من هرب الماء من النار. وهذا المذهب يوجب أن يكون العرض من شأنه أن ينتقل من جزء موضوع إلى جزء موضوع، بل من موضوع إلى موضوع. فإنه كثيرا ما يكون الباطن من الجسمين جسما منفصلا بنفسه، فيعرض هذا العرض له فى ذاته؛ إذ المشتمل عليه منهما، يستحيل استحالة مفرطة، عن حر مثلا، فيستحيل هو استحالة مفرطة عن برد، كأنه انتقل من المحيط به، وهو موضوع مفرد، إليه وهو موضوع غير مفرد.
Bogga 211