153

Shaydaanku Wacdigaa

الشيطان يعظ

Noocyada

7

بلغ بي التهور في التفكير حد مناقشة فكرة قتل جلال حمزة متحديا كافة العواقب. ولكني سرعان ما اقتنعت بسخف الفكرة، فالمهم حقا هو كشف النقاب عن جريمة الحكومة. ولم يطل بي التفكير إذ اقتحم جلال حمزة حجرتي ذات صباح مجللا بالانهيار الكامل. أدركت في الحال أنه - حتى رغم جنونه إن صح أنه مجنون - يشاركني في امتلاك ضمير معذب. وسرعان ما أملى علي اعترافه ثم وقع عليه بإمضائه. ألقيت القبض عليه ورحت أفكر في الأمر. إني أعرف تماما خطورة ما أنا مقدم عليه. إنه لا يهدد مستقبلي فقط ولكنه يهدد حياتي أيضا. وإذا بقوة عنيفة تتفشى في وعيي خليقة بأن أتحدى بها الجبال. من خلال لحظة مقدسة رحبت بالاستشهاد وغرست بذرته في نفسي لينمو شجرة خضراء وهلاكا أصفر. إنها لحظة لا تنسى تحتوي الإرادة مثل إلهام خالد. وفي الحال قصدت رئيسي وقدمت له الاعتراف. مضى يقرأ بهدوء أول الأمر. ثم أخذ وجهه يصفر وشفتاه تتشنجان. ثقبني بنظرة مقت ثم هتف: إنه مجنون بلا أدنى شك!

فقلت بهدوء: فلتر النيابة فيه رأيها!

فصرخ: إنك مجنون مثله!

ثم بنبرة وعيد: إذا تسرب النبأ فستكون أنت المسئول عن ذلك!

وأمرني بالانصراف بعد أن أعطاني مفتاحا للخروج من الأزمة. وفي الحال اتصلت بصحفي أعرفه من صحفيي المعارضة، وذهبت إلى بيتي مرتاح البال لأول مرة منذ مصرع عصمت البطراوي. •••

لم يكن مفر، عقب انفجار الخبر في الرأي العام، من التحقيق مع جلال حمزة، وقد حول إلى الطبيب الشرعي الذي قرر جنونه فأودع في مصحة الأمراض العقلية. وشككت صحف المعارضة في القرار الطبي، وحملت على الحكومة حملة صادقة. ونما إلي أن أمرا يدبر لي في الخفاء فلم أجد بدا من الأخذ بنصيحة الأصدقاء، فقدمت استقالتي، وسافرت للعمل في خارج القطر.

أسرة أناخ عليها الدهر

وجدتني في فناء ترب مكتظ بالآدميين والضوضاء. مربع الأضلاع مسقوف بسماء متلبدة بالسحب الداكنة. تتلاصق على أضلاعه الحجرات وتفوح في جوه البارد روائح البصل والثوم والفول النابت والطعمية. أمام كل حجرة تقرفصت امرأة أمام كانون أو وابور غاز وانتشر فوق أديمه المليء بالحفر والنفايات أطفال يلعبون. اتجهت الأعين نحوي وكأنما تتساءل عما جاء بهذا الأفندي إلى ربعهم العتيق. ملت نحو أقرب امرأة وقلت: صباح الخير أين أجد ست وجدية جلال؟

فأشارت بيدها المغطاة بقفاز من الخضرة نحو امرأة في الركن الأيسر من الضلع المتوسط وهي تسأل بتطفل: من حضرتك؟ وماذا تريد منها؟

Bog aan la aqoon