6
قررت أن أرجع البدلة إلى جلال حمزة بنفسي. الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ. نما إلى علمي ما يلقاه المقبوض عليهم من ألوان التنكيل والتعذيب حتى حدث ما يعد كارثة. كارثة بكل معنى الكلمة. طويت نفسي على آلامها وذهبت إلى مسكن جلال حمزة ... استقبلني بوجه أنهكه الإرهاق فبدا مثل شبح. تظاهرت أمامه بالمرح وقلت: دعني أرد إليك بدلتك مصحوبة بالاعتذار!
وترامقنا في جو مشحون بالتوتر. ثم تساءلت: ألا تدري أنني شككت فيك من أول نظرة؟
فتساءل ببلاهة: أول نظرة؟ - كما يوجد حب من أول نظرة يوجد شك من أول نظرة.
فقال بسخرية: إنك رجل ملهم! - وها هي الحوادث تؤكد خطأ ظني. - فصمت، فقلت: حسبنا أن المجرم الحقيقي قد اعترف، طبعا علمت بذلك؟ - مثل جميع قراء الصحف. - إنه صديقك. - شخص لا يمكن أن يقتل. - القتل أبسط مما تتصور.
فتردد قليلا ثم تساءل: ثمة إشاعة متطايرة تقول إنه وبعض زملائه قد قتلوا وهم يحاولون الهرب.
كنت قد عرفت ذلك ولكني قلت: لا أستبعد أن تقع حوادث من هذا النوع.
وساد الصمت وعدنا للترامق في توتر حتى قلت بهدوء وبدافع من مجازفة لا تقاوم: أصارحك بأنني ما زلت أومن بأنك القاتل.
تضاعف توتره وثار غضبه، فقلت متماديا في الانتقام منه ومن نفسي ومن الدولة: أتخيل ما حصل على الوجه الآتي: قابلت عصمت البطراوي بعد أن تركه الشهيد علي فؤاد، تصافحتما، سايرته منجذبا إلى قطعة من التاريخ المثير، لعلك صحبته إلى البيت بزعم إدراك أمين قبل ذهابه إلى النادي. دخلتما الشقة دون أن ينتبه لكما أحد، مضى الرجل ليسأل عن ابنه ثم رجع، قتلته ثم تسللت خارجا، رجعت إلى مسكنك، خلعت ملابسك، نقعت البدلة من الفطنة، ثم ذهبت إلى النادي لتتشمم الأخبار، ثم إلى الكازينو لترى إن كان أحد رآك في صحبة الرجل، ما رأيك؟
صاح جلال بسخرية وهو ينتفض رغم ذلك: برافو! - تتظاهر بغير ما في باطنك، إنك ضعيف هزيل، وها أنت تشهد مصرع عشرات الأبرياء بسببك، إلى متى تحتمل ذلك؟
Bog aan la aqoon