قال ارسطو واما قولهم فى الحق فليس كل ما يظهر بحق اولا ان الكذب ليس خاصا بالحس بل للفنطاسيا التى ليست هى والحس شيئا واحدا ومع هذا فيحق ان نتعجب ممن يتحير فى هذه الاشياء ويسال هل الاعظام والالوان هى على الحال التى تظهر من بعيد او على الحال التى تظهر من قريب وهل هى على ما يراه الاصحاء او المرضى وهل هى فى الثقل على ما هى عند الضعفاء او على ما هى عند الاقوياء وهل هى فى الصدق والكذب على ما هى عليه عند النائمين او عند الساهرين وهو بين ان هذا ليس مما يمكن فانه لا يقدر احد ان يظن حيننا هذا نقص من الرومية مثل افلاطون كذلك وليس راى الطبيب الماهر فى حقيقة الامر شبيها براى الجاهل فى الذى سيشفى من المرض والذى لا يشفى التفسير قوله واما ما يظهر فى الحس فليس كل ما يظهر بحق يريد واما قولهم ان كل ما يظهر ليس بحق فهو قول باطل ثم قال اولا فان الكذب ليس خاصا بالحس بل للفنطاسيا التى ليست هى والحس شيئا واحدا يريد وهذا يبطل من وجوه اما اولا فان الكذب ليس خاصا بالحس وانما يقع له الكذب بالعرض والذى الكذب به خاص هو الخيال فان هذا هو الذى لقائل ان يقول فيه ان ما يكون منه ليس بحق وانما قال هذا لان بهذه القوة تتخيل اشياء يقطع على امتناع وجودها ثم قال فيحق ان نتعجب ممن يتحير فى هذه الاشياء ويسال هل الاعظام والالوان الى قوله عند الساهرين يريد ولما كانت هاهنا احوال يظن ان الحس فيها صادق واحوال يظن ان الحس فيها كاذب كالامر من الاشياء التى تظهر للبصر عند القرب والبعد والتى تظهر للحس عند الصحة والمرض والقوة والضعف واكثر من ذلك التى تظهر فى النوم واليقظة فينبغى ان نتعجب ممن يشك فيقول هل الحق هو ما يظهر من مقادير الاجسام عند القرب او التى تظهر عند البعد وذلك ان الشىء الواحد بعينه يظهر كبيرا عند القرب وصغيرا عند البعد وكذلك ممن يسال هل ما يظهر من الالوان عند القرب هو الصادق او ما يظهر منها عند البعد او يسال هل الطعوم الحقيقية هى التى يدركها الاصحاء او التى يدركها المرضى وهل الثقل الحقيقى هو ما يدركه منه الاقوياء من الناس او الذى يدركه منه الضعفاء واكثر من ذلك ان يشك هل الحق هو الذى يراه النائم او الذى يراه اليقظان فان الشىء قد يرى فى النوم على خلافه فى اليقظة وقوله وهو بين ان هذا ليس مما يمكن فانه لا يقدر احد ان يظن حيننا هذا˹ وانخرم القول ومعنى ما قصده هو ان عندنا معرفة اولى نفرق بها بين ما يكذب فيه الحس وبين ما يصدق وذلك انه لا نعتقد ان ما نراه من الاشياء على بعد هو بالحقيقة مثل ما نراه من قريب ولا ما نحس من الطعوم ونحن مرضى بالحقيقة مثل ما نحس منها ونحن اصحاء ولا ما نحسه من الثقل ونحن ضعفاء مثل ما نحسه ونحن اقوياء واكثر من ذلك ان نساوى بين ما ندركه من الاشياء فى اليقظة وما ندركه فى النوم يريد ان من شك فى الفاصل بين المحسوس الذى يعرف انه كاذب والمحسوس الذى يعرف انه صادق كحال من شك فى هذه الاشياء اى هل نحن الان نائمون او ساهرون وموجودون او معدومون وكذلك لا يشك احد فى ان حقيقة المقادير للاعظام والالوان هو ما يظهر من قريب لا ما يظهر منها من بعيد وان ما يظهر للاصحاء من المحسوسات هو الحق دون الذى يظهر للمرضى ولذلك يبادرون الى علاجهم ولو كان كل ما يظهر حقا كما يقول اناس ايضا لم يكن فرق بين قول الذى فى غاية الجهل والذى فى غاية العلم مثل افلاطون فكان كما قال راى الطبيب الماهر فى حقيقة الامر شبيها براى الجاهل فى المرضى الذين يشفون والذين لا يشفون وفيما يشفيهم ولا يشفيهم وهذا كله محال
[25] Textus/Commentum
Bogga 433