قال جالينوس: لولا أنا وجدنا في قصة هذا الرجل أنه «كان مطحولا» لما كنا ننتفع أولا بهذا القول أيضا. وذلك أنه ليس متى رأينا أشياء [إذا] عرضت لقوم انتفعوا بها أو أضرت بهم كما ترى عوام الناس نصل بذلك على الإطلاق إلى ما ينتفع به في صناعة الطب لكنا إنما نصل إلى ذلك إذا تفقدنا كالذي يأمر أبقراط أمر الطبائع والمهن وحالات أنفس الناس ثم من بعد ذلك في شيء شيء مما يعرض لكل واحد منهم وذكر أكثر هذه الأشياء قد ألقي في هذه المقالة لأنها ليست كتابا وضعه أبقراط ليدفعه إلى غيره لكنه إنما هو تذكرة جعلها لنفسه.
إلا أنه لما ذكر في قصة هذا الرجل أنه «كان مطحولا» قدرنا على الوصول إلى الانتفاع بما ذكر من أمره وذلك أنه قال إن رجلا مطحولا كان عرض له «سفر متعب» ولم يكن بدنه بالنقي من الحمى لكنه «كانت به سخونة» يعني حمى دقيقة لينة. وقد علمنا أن الفضل السوداوي يجتمع ويكثر في أبدان المطحولين فلما [أن] اجتمع ذلك الفضل في بدن ذلك الرجل فانحدر منه إلى الأعضاء التي كان التعب عليها أشد حدث منه في الساقين «البثور التي تسمى ‹بالبطم›» وهي بثور صغار شبيهة بثمر البطم في اللون والمقدار ولذلك سميت به.
Bogga 240