قال جالينوس: إن من عادة القدماء إذا قالوا «خلط صرف» أن يعنوا به الخلط الذي هو حافظ للطبيعة على حقها وصدقها. وإذا كان الخلط كذلك فهو لا محالة غير مخالط لغيره من سائر الأخلاط ولذلك يقال له «صرف». وإنما تصير الأخلاط كذلك إذا أفرطت عليها قوة الحرارة الخارجة عن الطبيعة لأن هذه الحرارة هي التي تعفن الأخلاط في أبدان الحيوان كما أن الحرارة الطبيعية تصلح الأخلاط وتنمي البدن وتغذوه وتقويه. ولما كان أبقراط قد تقدم فقال إن تغير الاستفراغ إلى الحالات الرديئة ليس بمحمود أردف ذلك بمثال دل به على جنس تلك الأشياء الرديئة وهو «الاستفراغ الصرف».
وأضاف إلى ذلك أيضا السبب في قوله إن ذلك الاستفراغ رديء بذكره للعفونة إذ كان قوله ذلك إنما هو فيها. ومن قبل أن يظهر في ذلك الاستفراغ النتن فإنه قد يدل أيضا دلالة بينة على عفونة مستأنفة بجنس أصناف الاستفراغ الصرف إذا كلها جنس واحد وهو العفونة وهي تخفى في أول الأمر ولذلك يتوهم أن ذلك الاستفراغ إنما يكون من إفراط الحرارة فقط.
[chapter 51]
قال أبقراط: سارافيس من بعد استطلاق بطنها تربلت وحدثت بها حكة ولست أدري بعد كم يوما كان ذلك من مرضها. وقد كان بها أيضا خراج نحو الخاصرة ثم اسود ذلك الخراج فقتلها.
Bogga 232