ولذلك لم يحتج أبقراط في علاج ذلك إلى شيء أكثر من أن يفني ذلك الخلط «بسويق الشعير بماء الرمان» ويجعل منها دواء مركبا معه تجفيف وتقوية لأن العلة كانت تحتاج إلى الأمرين جميعا. فلما فنيت تلك الأخلاط المولدة «لوجع الفؤاد» فقوي ذلك العضو حتى صار لا يقبل فضلا ينجلب إليه من موضع من المواضع ولا يتولد فيه وإن صار فيه فضل يسير دفعه وقذفه برئت تلك المرأة وحق لها أن تبرأ.
والاقتصار أيضا على تناول الغذاء «مرة في اليوم» نافع في جميع أمثال هذه العلل إذا فهم مع «تناول الغذاء مرة» قلته. فقد أعرف كثيرا من الناس يأكلون في مرة واحدة طعاما كثيرا جدا ويظنون أنهم ينتفعون بذلك فقد ينبغي في علل المعدة خاصة أن يكون مقدار ما يتناول مقدارا معتدلا على الاستقصاء فإنه ليس عضو من الأعضاء يحتمل وهو عليل أن يقبل مقدارا كثيرا وخاصة المعدة والكبد.
فأما قوله في آخر كلامه هذا «ولم تكن تتقيأ كما كان يتقيأ خاريون» فإنما ينتفع به الذي كتبه فقط ليكون له تذكرة. وأما نحن إذ كنا لا نعرف خاريون ولا هذه المرأة ولا حالها فليس ننتفع بذلك وذلك أنا لا نعلم هل كانت لا تتقيأ أصلا أو قد كانت تتقيأ شيئا لأنه قد يمكن أن تكون لم تكن تتقيأ شيئا أصلا وقد يمكن أن تكون قد كانت تتقيأ إلا أن ما كانت تتقيؤه لم يكن شبيها بما كان يتقيؤه خاريون أو خيريون أو كيف شئت أن تسميه.
Bogga 228