قال جالينوس: إن الاختلاف بين النسخ قد وقع ليس في هذا القول فقط لكن في أقاويل أخر كثيرة جدا من هذه المقالة. والسبب في ذلك أن الذين قصدوا لتفسيرها غيروا الكلام على أنحاء شتى على نحو ما ظن كل واحد منهم أنه يوافق تفسيره. وقد نجد في النسخ اختلافا في أقاويل فيما ليس بينها في المعنى خلاف وإن كان اللفظ مختلفا. من ذلك أن في هذا القول يوجد في بعض النسخ «خيريون» وفي بعضها «خاريون» ويوجد في بعضها «كما كان يتقيأ» وفي بعضها «كالذي كان يتقيأ» وهذا من الاختلاف ما لا ينبغي أن تلتفت إليه لأن الذي ينتفع به القارئ في الكتاب ليس هو أسماء أولائك المرضى لكنه إنما هو نفس المعنى الذي قصد إليه.
والمعنى الذي قصد إليه في هذا القول إنما هو أن امرأة كان بها وجع في فم المعدة من أخلاط لذاعة اجتمعت فيه قليلا قليلا. وإنما قلت ذلك من قبل أنه لو تقدم حدوث ذلك سبب قوي لما كان أبقراط بالذي يدع ذكره في كتابه بل كان سيذكره لا محالة كما من عادته أن يفعل. أعني بالسبب القوي مثل احتباس الطمث أو إسقاط الطفل أو علة في الكبد أو في المعدة أو نزلة من الرأس أو تناول أغذية مستنكرة أو سهر أو غم أو تعب أو تخم. وبين أن ذلك الخلط اللذاع الذي أحدث الوجع إنما اجتمع في فم المعدة من بعض هذه الأسباب إلا أنه ليس سبب قوي يستحق أن يذكر ولذلك فات الحس حتى لم يعلم أن ذلك الخلط هو داء يجتمع.
Bogga 226