«والقروح التي يكون معها بحران الحميات» من إشارات البحران على الوجهين جميعا أعني على طريق الدلائل وعلى طريق الأسباب. أما على طريق الدلائل فمن قبل أنا قد رأينا مرارا كثيرة أنه إذا أردفت الحمى قروح انقضت الحمى فإن رأينا ذلك الآن رجونا أن تكون الحال فيه مثل الذي رأيناه مرارا كثيرة. وأما على طريق الأسباب فمن قبل أن الخلط الرديء المولد للحمى إذا مال إلى عضو أو أعضاء من البدن حدثت في تلك الأعضاء قروح وتحللت تلك الأخلاط فانفشت وانتقلت مع ذلك من الأحشاء إلى ظاهر البدن فكان بذلك انقضاء الحمى. فإن عرض في تلك الأوقات أن تنتقل الأخلاط والحمى باقية فينبغي أن تبحث عن السبب الذي من قبله لم ينتفع المريض بما حدث له هل هو أن العلة باقية على حالها أو أنه بقي في البدن سبب آخر غير الأخلاط الرديئة من قبله تكون تلك الحمى. فهذه قصة «القروح التي يكون معها انقضاء الحمى».
وذكر أبقراط في قوله [في] هذا «الخراجات» وقد ينبغي أن تبحث عنها هل ذكره لها على نحو ما ذكر علة الحميات أو على نحو ما ذكر علة القروح. فإن «الخراجات» قد يجوز أن تكون مما هو بحران لغيره ويجوز أن تكون مما غيره بحران له. وأما بحران لغيره فللحميات إذا كان حدوثها على طريق دفع الطبيعة وأما غيره بحران له فللقروح. فإن الخراجات قد يمكن أن تبرأ بأن تخرج قروح في أعضاء أخر بانتقال الخلط المولد لتلك الخراجات إلى تلك الأعضاء وربما كان ذلك بحدوث القروح في تلك الأعضاء أنفسها التي فيها الخراجات.
فقد نرى كثيرا تحلل الفضل المولد للخراجات يكون على هذا الطريق. وقد ذكر ذلك أبقراط في كتابه في المفاصل حين قال: «إنه متى حدثت خراجات بطيئة النضج في الفقار فحدثت منها حدبة فإن برء تلك الحدبة يكون كثيرا باختلاف الدم» وهو يعني اختلاف الدم الذي يكون من قرحة تحدث في الأمعاء.
[chapter 46]
قال أبقراط: الذين تبقى بهم بقية فالعودة فيهم أصح ما يكون وأسرعه.
Bogga 218