بقوله: أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (1) واللعن في الآية و إن وقع بصورة الاخبار، لكن المراد منه الانشاء والأمر، كما في قوله تعالى:
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء (2) فإن المراد منه ومن نظائره الأمر دون الاخبار على ما صرح به المفسرون. إذ لو كان خبرا لم يكن مطابقا للواقع، وعدم المطابقة في خبره تعالى محال. وقد روي (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لعن <div>____________________
<div class="explanation"> (1) البقرة: الآية 161.
(2) البقرة: الآية 228.
(3) كما في شرح ابن أبي الحديد في نهج البلاغة (جزء 2 ص 102 ط مصر) فيما خطبه الحسن بن علي عليه السلام وخاطب فيها معاوية إلى أن توجه إلى المسلمين وقال (ع) أيها الرهط نشدتكم الله ألا تعلمون أن رسول الله (ص) لعن أبا سفيان في سبعة مواطن لا يستطيعون ردها أولها يوم لقي رسول الله خارجا من مكة إلى طائف يدعو ثقيفا إلى الدين فوقع به وسبه وسفهه وشتمه وكذبه وهم أن يبطش به فلعنه الله ورسوله وصرف عنه الثانية يوم العير إذ عرض على رسول الله وهي جائية من الشام فطردها أبو سفيان وساحل بها فلم يظفر المسلمون بها ولعنه رسول الله (ص) ودعى عليه فكانت وقعة بدر لأجلها والثالثة يوم أحد حيث وقع تحت الجبل ورسول الله (ص) في أعلاه وهو ينادي (أعل هبل) مرارا فلعنه رسول الله عشر مرات ولعنه المسلمون والرابعة يوم جاء بالأحزاب وعطفان واليهود فلعنه رسول الله (ص) فابتهل والخامسة يوم جاء أبو سفيان في قريش فصدوا رسول الله " ص " عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ذلك يوم الحديبية فلعن رسول الله " ص " أبا سفيان ولعن القادة والأتباع وقال ملعونون كلهم وليس فيهم من يؤمن فقيل يا رسول الله أفما يرجى الاسلام لأحد منهم فكيف باللعنة فقال لا تصيب اللعنة أحدا من الأتباع أما القادة فلا يفلح منهم أحد والسادسة يوم الجمل الأحمر والسابعة يوم وقفوا رسول الله في العقبة ليستنفروا ناقته وكانوا اثنى عشر رجلا منهم أبو سفيان فهذا لك يا معاوية إلى آخر ما قال عليه السلام.
أقول وكفى في ذلك نقل ابن أبي الحديد وهو من أعاظم المعتزلة ولو تفحصت كتب السير والغزوات لوقفت على مواطن قد لعن فيها الرسول (ص) أبا سفيان وعليك بالبحث والتنقيب.
(ج 3)</div>
Bogga 48