إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا (1) فإن الله تعالى يرضى بإيمانهم، ويسخط بكفرهم، ثم قوله وجعل أمور الدين مرجوعة إليهم، مدفوع بأن الله تعالى لم يجعل أمور الدين مرجوعة إلى الخلفاء الثلاثة الذين قصدهم الناصب بهذه العبارة، لتصريح الجمهور على ما ذكر في المواقف (2) وغيره:
أن إمامة أبي بكر إنما ثبتت باختيار طائفة من الصحابة، بل ببيعة عمر وحده، وإمامة عمر ثبتت بتفويض أبي بكر إليه، وخلافة عثمان بالشورى، اللهم إلا أن يبنى ذلك على قاعدة الجبر، ويقال: إن اختيار تلك الطائفة وبيعة عمر كسائر القبائح كان من فعل الله سبحانه، وتعالى عن ذلك علوا كبيرا.
ثم قوله: ثم وثب فرقة بعد القرون المتطاولة والدول المتداولة يلعنونهم ويشتمونهم ويسبونهم إلى آخره، إن أراد به أن تلك الفرقة التي عني بهم الشيعة يلعنون جميع الصحابة فهو افتراء ظاهر، وإن أراد به أنهم يلعنون بعض الصحابة ممن اعتقدوا أنه أظهر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله آثار الجلافة، وغصب الخلافة، وظلم أهل البيت بكل بلية وآفة، ففي هذا أسوة حسنة (3) بالله تعالى ورسوله ووصيه، إذ قد لعن الله تعالى في محكم كتابه على الجاحدين والظالمين والمنافقين، وأشار إلى وجوب متابعة ذلك أو استحبابه بقوله: أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون (4) و <div>____________________
<div class="explanation"> (1) النساء. الآية 137.
(2) صاحب المواقف هو القاضي عضد الدين عبد الرحمان بن ركن الدين أحمد بن عبد الغفار الإيجي الشيرازي المتوفى محبوسا سنة 756 أو 760، وله تصانيف كثيرة، منها المواقف في الكلام وقد شرحه المحقق التفتازاني والشريف الجرجاني وغيرهما، وما ذكره القاضي الشهيد " قده " في المتن موجود في الشرح الشريف من ص 72 إلى 76.
(3) اقتباس من قوله تعالى في سورة الأحزاب الآية 21: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.
(4) البقرة: الآية 159.</div>
Bogga 47