أبا سفيان. وعن علي (1) عليه السلام أنه كان يلعن في الصفين معاوية وعمرو بن العاص و أمثالهم من أهل البغي والعصيان، ولا ريب في أن المكلف إذا عمل بمقتضى أمر الله تعالى أو تأسى بفعل نبيه ووصيه عليهما السلام، وكان عمله مقارنا للاخلاص يصير مستحقا للثواب.
ثم إن أراد بالشتم والسب ما يرادف اللعن في المعنى، فلا نزاع معه في المعنى، ولا محذور فيه كما مر، وإن أراد بهما القذف الذي مآله القدح من جهة العرض والتعييب من جهة الآباء والأمهات ونحوهم، فلا يجوز عند الشيعة الإمامية شئ من ذلك بالنسبة إلى كافر مشرك مجاهر بالشرك فضلا عن مسلم أو متظاهر بالاسلام، نعم لما قصد المتسمون بأهل السنة والجماعة تنفير العوام عن اتباع مذهب الشيعة، اصطلحوا على إطلاق السب على الأعم من القذف والشتم واللعن، حتى يتأتي لهم أن يقولوا: إن الشيعة الإمامية يتكلمون بالفحش، كما هو دأب العوام السوقية، والحاصل أنا معشر الإمامية لا نسب أصلا ولا نلعن كل الصحابة، ولا جلهم بل نلعن من كان منهم أعداء لأهل البيت عليهم السلام، ونتقرب بذلك إلى الله تعالى ورسوله وذوي القربى الذين أمرنا الله تعالى بمودتهم أجرا (2) لتبليغ الرسالة، لاستحالة أن يجتمع الضدان أو يحل قلبا واحدا نقيضان، كما قال الشاعر:
تود عدوي ثم تزعم أنني * صديقك إن الرأي عنك لعاذب (3) <div>____________________
<div class="explanation"> (1) في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (جلد 3 ص 288 ط مصر) كان علي عليه السلام يقول: اللهم العن معاوية أولا وعمروا ثانيا، وأبا الأعور السلمي ثالثا، وأبا موسى الأشعري رابعا.
(2) إشارة إلى قوله تعالى في سورة الشورى، الآية 23: قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى.
(3) قوله: لعاذب: من العذب، وهو المنع والامتناع.</div>
Bogga 49