والأشعري وأئمة أصحابه كالقاضي أبي بكر وغيره يقولون: إن الله فوق العرش بذاته، ولكن يقولون في النزول ونحوه من الأفعال هذا القول بناء على أصلهم في نفي قيام الحوادث به، والسلف الذين قالوا: يفعل ما يشاء، وينزل كيف شاء وكما شاء، والفضيل بن عياض الذي قال: إذا قال لك الجهمي: أنا أكفر برب يزول عن مكانه، فقل: أنا أومن برب يفعل ما يشاء - مرادهم نقيض هذا القول. ورد أبي عبد الله بن منده متناول لهؤلاء، وعلى هذا فلا يبقى خلاف بين من يقول: ينزل ويصعد، وبين من ينفي ذلك، وذلك لأن الأفعال المنفصلة لم ينازع فيها أحد من المسلمين، فعلم أن مراد هؤلاء إثبات الفعل الاختياري القائم به؛ ولكنهم مع هذا ليس في كلامهم أنهم كانوا يعتقدون خلو العرش منه، وأنه لا يبقى فوق العرش؛ كما ذكره عبد الرحمن وزعم أنه معنى الحديث.
وروى بإسناده من [كتاب السنة] لعبد الله بن أحمد بن حنبل قال: أخبرنا محمد بن محمد بن الحسن، حدثني أبي، ثنا أحمد بن محمد بن عمر اللبناني، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا أبي، ثنا موسى بن داود أبو معمر، ثنا عباد بن العوام، قال: قدم علىنا شَرِيك فسألته عن الحديث [إن الله ينزل ليلة النصف من شعبان] . قلنا: إن قومًا ينكرون هذه الأحاديث! ! قال: فما يقولون؟ قلنا: يطعنون فيها، فقال: إن الذين جاءوا بهذه الأحاديث هم الذين جاءوا بالقرآن وبالصلاة وبالحج وبالصوم، فما يعرف الله إلا بهذه الأحاديث.
قال: وأما حديث إسحاق بن راهويه، فرواه إسماعيل الترمذي وذكر عن ابن أبي حاتم أنهم تكلموا فيه. قال: والحديث حدث به أحمد بن موسى بن بُرَيْدة، عن أحمد ابن عبد الله بن محمد بن بشير، عن الترمذي: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: اجتمعت الجهمية إلى عبد الله بن طاهر يومًا فقالوا له: أيها الأمير، إنك تقدم إسحاق وتكرمه وتعظمه، وهو كافر يزعم أن الله ﷿ ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة ويخلو منه العرش. قال: فغضب عبد الله وبعث إلى، فدخلت عليه وسلمت، فلم يرد على السلام غضبًا ولم يستجلسني، ثم رفع
1 / 48