رأسه وقال لي: ويلك يا إسحاق، ما يقول هؤلاء؟ قال: قلت: لا أدري، قال: تزعم أن الله ﷾ ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة ويخلو منه العرش؟ فقلت: أيها الأمير، لست أنا قلته، قاله النبي ﷺ: ثنا أبو بكر بن عياش، عن إسحاق، عن الأغر بن مسلم أنه قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله ﷺ أنه قال: "ينزل الله إلى سماء الدنيا في كل ليلة فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له " ولكن مرهم يناظروني. قال فلما ذكرت له النبي ﷺ، سكن غضبه، وقال لي اجلس، فجلست. فقلت: مرهم أيها الأمير يناظروني. قال: ناظروه، قال: فقلت لهم: يستطيع أن ينزل ولا يخلو منه العرش أم لا يستطيع؟ قال: فسكتوا وأطرقوا رؤوسهم. فقلت: أيها الأمير، مرهم يجيبوا، فسكتوا. فقال: ويحك يا إسحاق، ماذا سألتهم؟ قال: قلت: أيها الأمير! قل لهم يستطيع أن ينزل؛ ولا يخلو منه العرش أم لا؟ قال: فإيش هذا؟ قلت: إن زعموا أنه لا يستطيع أن ينزل إلا أن يخلو منه العرش، فقد زعموا أن الله عاجز مثلي ومثلهم، وقد كفروا. وإن زعموا أنه يستطيع أن ينزل ولا يخلو منه العرش، فهو ينزل إلى السماء الدنيا كيف يشاء، ولا يخلو منه المكان.
قال عبد الرحمن: والصحيح مما جرى بين إسحاق وعبد الله بن طاهر ما أخبرنا أبي: ثنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري، ثنا محمد بن حاتم، سمعت إسحاق بن إبراهيم بن مَخْلَد يقول: قال لي عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب، هذه الأحاديث التي تروونها في النزول - يعني وغير ذلك - ما هي؟ قلت: أيها الأمير، هذه أحاديث جاءت مجيء الأحكام والحلال والحرام، ونقلها العلماء، فلا يجوز أن ترد، هي كما جاءت بلا كيف، فقال عبد الله: صدقت، ما كنت أعرف وجوهها إلى الآن.
قال عبد الرحمن: ولا يخلو منه المكان كيفية تهدم النزول، وتبطل قول من يقول: هي كما جاءت بلا كيف، فيقال: بل مخاطبة إسحاق لعبد الله بن طاهر كان فيها زيادة على هذه الرواية كما ثبت ذلك في غير هذه الرواية؛ ولكن هذه المخاطبات والمناظرات ينقل منها هذا ما لا ينقل غيره، كما نقلوا في مناظرة أحمد بن حنبل وغيره، هذا ينقل ما لا ينقله هذا، كما نقل صالح وعبد الله والمروزي وغيرهم وكلهم ثقات، وإسحاق بسط الكلام مع ابن طاهر.
1 / 49