بن محمد الوراق، ثنا زكريا بن يحيى الساجي، ثم قال عبد الرحمن: حدثني أحمد بن نصر قال: كنت عند سليمان بن حرب فجاء إليه رجل كلاميُّ من أصحاب الكلام فقال له: تقولون: إن الله على عرشه لا يزول، ثم تروون أن الله ينزل إلى السماء الدنيا؟ فقال: عن حماد بن زيد: إن الله على عرشه، ولكن يقرب من خلقه كيف شاء.
قال عبد الرحمن: ومن زعم أن حماد بن زيد وسليمان بن حرب، أرادا بقولهما: يقرب من خلقه كيف شاء؛ أرادا ألا يزول عن مكانه؛ فقد نسبهما إلى خلاف ما ورد في الكتاب والسنة.
قال: وحدثنا عبد الصمد بن محمد المعاصمي ببلخ، أنبأنا إبراهيم بن أحمد المستملي، قال: أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حراش، قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن زياد، حدثنا إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: إذا قال لك الجهمي: أنا لا أومن برب يزول عن مكانه، فقل له: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء.
قال: رواه جماعة عن فضيل بن عياض، قال: ولم يرد به أحد أن الله يفعل ما ذهب إليه الزنادقة، فلا يبقى خلاف بين من يقول: أنا أكفر برب ينزل ويصعد وبين من يقول: أنا أومن برب لا يخلو منه العرش في إبطال ما نطق به الكتاب والسنة. ثم روى بإسناده عن الفضيل بن عياض: إذا قال الجهمي: أنا أكفر برب ينزل ويصعد، فقل: آمنت برب يفعل ما يشاء.
قلت: زكريا بن يحيى الساجي أخذ عنه أبو الحسن الأشعري ما أخذه من أصول أهل السنة والحديث، وكثير مما نقل في كتاب [مقالات الإسلاميين] من مذهب أهل السنة والحديث، وذكر عنهم ما ذكره حماد بن زيد من أنه فوق العرش، وأنه يقرب من خلقه كيف شاء.
ومعنى ذلك عنده وعند من ينفي قيام الأفعال الاختيارية بذاته، أنه يخلق أعراضًا في بعض المخلوقات يسميها نزولًا، كما قال: إنه يخلق في العرش معنى يسميه استواء. وهو عند الأشعري تقريب العرش إلى ذاته من غير أن يقوم به فعل، بل يجعل أفعاله اللازمة كالنزول والاستواء كأفعاله المتعدية كالخلق والإحسان، وكل ذلك عنده هو المفعول المنفصل عنه.
1 / 47