وسار عفان وبلوقيا حتى أتيا البحر وطليا أقدامهما من ذلك الدهن ثم دخلا في اليم ومرا على وجه الماء كما كانا يمران على وجه الأرض لا تبتل لهما رجل ولا تغرق لهما قدم حتى جازا البحر الأول ثم الثاني فبينا هما يسيران إذا هما بجبل في وسط البحر ليس بعال ولا متدان ترابه كالمسك فيه كهف، وفي الكهف سرير من ذهب وعلى السرير شاب مستلق على قفاه ذو وفرة وهو واضع يده اليمنى على صدره ويده اليسرى على بطنه بمنزلة النائم وليس بنائم ولكنه ميت وهو سليمان بن داود عليهما السلام وعند رأسه تنين وعند رجله تنين وخاتمه في إصبعه في يده اليسرى وكان ملكه في خاتمه وحلقته من ذهب وفصه من ياقوتة حمراء مربع مكتوب عليه أربعة أسطر في كل سطر اسم من أسماء الله تعالى الأعظم.
قال: وكان عفان قد علم الكتاب، فقال بلوقيا لعفان: من هذا؟
قال: هذا سليمان بن داود عليهما السلام، ونريد أن نأخذ خاتمه من يده فيعود ملكه إلينا ونرجو الحياة إلى أن يبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم، فقال له بلوقيا: ويحك أليس سأل سليمان عليه السلام ربه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده إلى يوم القيامة، فأعطاه ذلك، ولن ينال أحد ملكه إلى يوم الدين لدعائه؟
فقال له عفان: يا بلوقيا اسكت فإن معنا اسم الله الأكبر، ولكن أنت يا بلوقيا فاقرأ التوراة وعليك منها بأسماء الله العظام، فقال له بلوقيا: وكيف تصل إلى الخاتم والتنينان يحرسانه؟ فقال له عفان:
إن التنينين لا يضران مع اسماء الله شيئا.
قال: فأخذ بلوقيا في قراءة التوراة وتقدم عفان ليأخذ الخاتم من يد سليمان عليه السلام، فقال التنينان: يا عفان ما أجرأك على الله حيث تريد أن تسلب خاتم نبيه سليمان عليه السلام فإنك إن قهرتنا باسم الله لنغلبنك بقوة الله تبارك وتعالى.
Bogga 144