قال: فنفخ التنينان عفان وبلوقيا، فلم يضرهما نفخة التنينين لحال ما قرأ بلوقيا اسم الله الأعظم من التوراة، فدنا عفان من السرير ليأخذ الخاتم من يده، واشتغل بلوقيا بالنظر إلى عفان وفعله وترك القراءة حتى نزل جبريل من السماء فصاح بهما صيحة، فاضطربت الأرض والجبال وتزلزلت واختلطت البحار حتى صار كل ماء عذب مالحا وكل مالح عذبا من شدة صوت جبريل.
قال: وسقط بلوقيا وعفان جميعا مغشيا عليهما، ونفخ التنينان الثانية فخرج من جوفهما نار كالبرق الخاطف فاحترق منها عفان وصار رمادا، وجازت نفخاتهما في البحار فلم تمر بشيء إلا أحرقته ولا بالماء إلا أغلته، ونجا بلوقيا باسم الله الأعظم الذي كان يقرأه فلم تضره بإذن الله وجاز العذاب ولم يصبه.
قال: ثم تراءى له جبريل عليه السلام على صورة رجل فقال له: يا ابن آدم ما أجرأك على الله، فقال له بلوقيا: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا جبريل أمين رب العالمين، فقال له بلوقيا: يا جبريل إنما خرجت محبة لمحمد صلى الله عليه وسلم وشوقا إليه ورغبة في دينه، ولم أخرج لطلب الخطأ ولم أتعمد لذلك، فقال له جبريل: فبذلك نجوت وإلا كنت تهلك مع صاحبك، ثم ارتفع جبريل عليه السلام إلى السماء.
ومضى بلوقيا وطلى قدميه ببقية الدهن الذي كان معهما، فركب البحر راجعا فغلط الطريق الذي جاء فيه مع عفان وأخذ طريقا آخر وهو لا يدري فجاوز البحر الثالث ثم الرابع ثم الخامس ثم السادس حتى انتهى إلى البحر السابع وقد بقي حيران لا يدري في أي بلاد الله هو، ولكنه كان يتلو التوراة دائما ويقرأ اسم الله الأعظم ويدعو ربه جل وعلا
Bogga 145