فقال له عفان: يا بلوقيا ليس هذا زمان محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، وإن بينك وبينه سنين وقرونا كثيرة، ثم قال له: يا بلوقيا أتدلني على الحية التي تسمى بليخا فإنا إن قدرنا على صيدها رجونا أن ننال ملكا عظيما ونحيا إلى أن يبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فإذا بعثه دخلنا في دينه واتبعناه وآمنا به، فحمل بلوقيا حرصه على الإسلام ودخوله في دين محمد صلى الله عليه وسلم أن قال له:
أنا أدلك على المكان الذي فيه بليخا.
وكان عفان قد قرأ الكتب وأحكمها فاتخذ تابوتا من حديد وكوزين من فضة فملأ إحدى الكوزين خمرا والأخرى لبنا ثم وضعهما في التابوت، ثم سارا جميعا حتى انتهيا إلى الجزيرة التي فيها تلك الحية ففتحا التابوت ووضعاه وتركا رأس الكيزان مفتوحة وتنحيا ناحية، فجاءت الحية- ملكة الحيات- فدخلت التابوت فشربت الخمر واللبن فسكرت ونامت في التابوت فقام عفان فدب إلى التابوت دبيبا خفيا فأغلق باب التابوت عليها وحمله تحت حضنه وإبطه ثم مضيا وسارا جميعا فجعلا لا يمران بشيء من شجر ولا حجر ولا مدر ولا حشيش ولا زيتونة ولا نبت إلا كلمتهما بإذن الله ووصفت ما فيهن من النفع والضر والداء والدواء.
فبينا هما يسيران إذ انتهيا إلى شجرة يقال لها: الفريصة فنادتهما تلك الشجرة: يا عفان من يأخذني فيقطعني ويأخذ ورقي ويدقني ويعصر دهني ويطلي بين قدميه من حيث شاء فيجوز البحار السبع ولا تبتل قدماه بإذن الله ولا يغرق، فقال عفان: لك أردت، وإياك طلبت، فدنا من تلك الشجرة فقطع من أغصانها فدقها وعصر دهنها وجعله في إحدى الكوزين، ثم خلا عن الحية فطارت الحية بين السماء والأرض وهو يقول: يا بني آدم ما أجرأكما على الله فلا تصلا إلى ما تريدان، وذهبت الحية.
Bogga 143