هذا، وقد لقيت هذه الأعمال الإصلاحية التي قام بها عمر بن عبد العزيز الرضى الكبير بين علماء الأمة من الأولين والآخرين، فملأت كتب الأخبار بالذكر الجميل والثناء الحسن، والمدائح البليغة، وما ذلك إلا أنه أقام العدل الذي هضمته الجبابرة، ومن ذلك رده لفدك إلى أولاد فاطمة عليها السلام، وقد كانت فدك في يد فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلما مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذها أبو بكر من يدها، فجاءت إلى أبي بكر تحتج، فقال أبو بكر إنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((نحن معاشر الأنبياء لانورث، ما تركناه صدقة))، فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطاها فدك في حياته نحلة...إلخ، فلم يقبل أبو بكر منها حجة، وكانت احتجت بقوله تعالى: ?وورث سليمان داود? واحتجت على النحلة بشهادة علي وأم أيمن:
ومن يكن القاضي له من خصومه .... أضر به إقراره وجحوده
هذا، ورد عمر بن عبد العزيز فدك إلى أولاد فاطمة يدل على أنها أخذت من يد فاطمة عليها السلام بغير حق وبالباطل، وحين مات عمر بن عبد العزيز أخذها بنو أمية من يد أولاد فاطمة.
هذا، وقد تبع عمر بن عبد العزيز في رد فدك إلى أولاد فاطمة عليها السلام أربعة من الخلفاء ممن أتى من بعده، يردها الخليفة إلى أولاد فاطمة، ثم يستردها الآخر، وهكذا.
وكل هذا الصنيع من هؤلاء الخلفاء الذين ردوا فدك إلى أولاد فاطمة عليها السلام يدل على ما قلنا أولا من أن فدك أخذت من يد فاطمة عليها السلام ظلما.
ولهذا فإن فاطمة عليها السلام ماتت وهي غاضبة على أبي بكر وعمر كما ذلك مشهور، وفي كتب الأخبار مسطور، وقد روى ذلك البخاري في صحيحه.
وفي البخاري أيضا عن المسور بن مخرمة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني))، وعن أنس: ((فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني)).
Bogga 2