234

Hogaamiyeyaasha Kacaanka Casriga ah

رواد النهضة الحديثة

Noocyada

ثم ظهرت مجلة اسمها «المشرق» وإذا هي للأب شيخوا أيضا، فكان هذا الرجل يكبر في عيني يوما بعد يوم حتى عرفته في بيروت، أيام علمت في كلية القديس يوسف أقل من ثلاثة أشهر، وأخرجت منها بأمر نيافة القاصد الرسولي؛ لأنني خطر على الطائفة المارونية والدين الكاثوليكي ...

ها أنا ذا في غرفة الأب لويس نتحدث ونتضاحك ... كانت ضحكته كأنها سوداء، وكأنه إنما كان يضحك غصبا عنه. فهو ذو نفس لا تمل، ويد لا تكل. أرسلت إليه من مدرسة الحكمة، يوم كانت تلميذا، قصيدة عنوانها «المرائي» فلم ينشرها، وكان عذره غير مقبول عندي في حينه؛ لأني لم أكن أبحث عن المفردات في معجم لاروس ...

للأب شيخوا أجل فضل على النهضة الحاضرة، فهو الذي عبد لنا الطريق في كتبه التي يضيق المقام عن عدها؛ فكتابه «علم الأدب» تناول كل حديث من ألوان الأدب، وهو يعلم الطالب الأصول من فن القصة والرواية والتاريخ إلى النقد، وكل ما استحدث من ضروب. وفي مجلته المشرق التي تعد حجة في المشرقيات، عرفنا على الروايات الأصولية والأبحاث الدقيقة، ودلنا على ما في بلادنا من آثار، ثم لم يقف عند هذا الحد بل علمنا أيضا تاريخنا، وطبقات أرضنا، وأحيا ذكر نوابغنا على اختلاف الملل والنحل، وهكذا أحسن الرجل إلى الأدب العربي كل الإحسان بما بعث وحفظ من كتب. وغيرته على الكتب الخطية القديمة التي كانت مبعثرة في هذا الدير وذاك البيت، حيث لا يعرف قيمتها أصحابها، أوحت إليه إنشاء المكتبة الشرقية، وهي من أشهر مكتبات الشرق به بل هى أغناها في المخطوطات.

ليس الأب شيخو ذلك المنشئ المنمقة عبارته ولكنه الباحث المدقق، والمناضل العنيف عما تجند للدفاع عنه. بحاثة جريء حمل على الماسونية حملات غواشم، يوم كان اسم «الفرمسون» يخيف ويرعب، ولكن «الماسون الكبار» حملوه على أكتافهم إلى القبر تعظيما لعلمه، وإجلالا لحرية الفكر والقول، فكان ذلك أبلغ رد على كل ما ألصقه بهم من تشنيع وتزييف . وها أنا أحد أولئك أنحني الآن احتراما لآثار شيخو، وأقر أنه كان المجلي في الحقبة الأخيرة من القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين، ولولا تعصبه لدينه ذلك التعصب العنيف لأجمع الناس عل تقديره، ولم يختلف في تقديمه أحد، على كل من تقدموه من الأحياء في نشر كل جديد وجه النشء أصدق توجيه فني.

ومن مقدمة «المشرق» التي كتبها شيخو في غرة عام 1898 يتضح لنا أنها لم تنشأ إلا لخدمة الشرق أولا «لئلا يقال أن الغريب أدرى بما في البيت من أهله، لا سيما ولا نزال نرى كثيرين من الأجانب يعكفون على تتبع أخبار بلادنا واستبطان أحوالها وكشف مكنون أسرارها فدعوا لذلك بالمستشرقين.»

وبعد أن وعد القراء بأخبار الاكتشافات والاختراعات الحديثة، قال: ولما كانت غايتنا أن نجمع في هذه المجلة بين الأمور المفيدة والمبهجة معا، أحببنا أن نفرد بعض صفحات لروايات خيالية نتخذها وسيلة لتفكيه المخيلة، وطريقة لتمثيل عوائد الأمم المختلفة في أحوالها وتواريخها، ورسم تخومها ووصف آثارها.

9

وهكذا فعل خادم الآداب الأمين، فجاءت روايات المشرق مؤلفة وفقا للأصول الفنية لأن كتابها عارفون بذلك، وليسوا حديثي العهد كروادنا. كتب الأب لامنس بالفرنسية رواية خريدة لبنان، ورواية حبيس بحيرة قدس، وعربهما نجيب حبيقة ورشيد الشرتوني. وكتب الأب س. ت. اليسوعي يمين العلي، وعربها شيخو، وكتب الأب ليفنكستون زوار الليل، وعربها الخوري إسطفان البشعلاني.

وهكذا ساهم اليسوعيون في نشأة الرواية عندنا، بهمة الأب شيخو الذي يستحق شكرنا الجزيل في العام القادم، بمناسبة ذكرى وفاته الخامسة والعشرين، فعسى أن لا يفوتنا هذا الواجب، كما فاتنا غيره من واجبات أخرى. (6) المعلمون الرواد (6-1) البستاني والحوراني والأزهري

إن أكثر الرواد كانوا معلمين وكتابا وشعراء في وقت معا، وقد أطلقت عليهم جميعا كلمة المعلم، قبل أن «تأستذ» جميع الناس حتى الأميون منا ...

Bog aan la aqoon