70

Risaalada Tabuukiya

الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه

Baare

محمد جميل غازي

Daabacaha

مكتبة المدني

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Goobta Daabacaadda

القاهرة

Noocyada

Suufinimo
غريب محبوب يرى ما الناس فيه ولا يرون ما هو فيه، يقيم لهم المعاذير ما استطاع، ويحضهم بجهده وطاقته سائرًا فيهم بعينين: عين ناظرة إلى الأمر والنهى، بها يأمرهم وينهاهم ويواليهم ويعاديهم، ويؤدي لهم الحقوق ويستوفيها عليهم. وعين ناظرة إلى القضاء والقدر بها يرحمهم ويدعو لهم ويستغفر لهم، ويلتمس وجوه المعاذير فيما لا يخل بأمر ولا يعود بنقض شرع، وقد وسعهم بسطته ورحمته ولينه ومعذرته، وقفًا عند قوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ متدبرًا لما تضمنته هذه الآية من حسن المعاشرة مع الخلق وأداء حق الله فيهم والسلامة من شرهم. فلو أخذ الناس كلهم بهذه الآية لكفتهم وشفتهم فان العفو ما عفى من أخلاقهم وسمحت به طبائعهم ووسعهم بذله من أموالهم وأخلاقهم. فهذا ما منهم إليه، وأما ما يكون منه إليهم فأمرهم بالمعروف، وهو ما تشهد به العقول وتعرف حسنه، وهو ما أمر الله به. وأما ما يلتقي به أذى جاهلهم فالإعراض عنه وترك الإنتقام لنفسه والانتصار لها. فأي كمال للعبد وراء هذا؟ وأي معاشرة وسياسة لهذا العالم أحسن من هذه المعاشرة والسياسة؟ فلو فكر الرجل في كل شر يلحقه من العالم - أعني الشر الحقيقي الذي لا يوجب له الرفعة والزلفى من الله - وجد سببه الإخلال بهذه الثلاث أو بعضها، وإلا فمع القيام بها فكل ما يحصل له من الناس

1 / 75