اتفاقا كالتماثيل وصور لا يجوز مشاهدتها إن كانت مستقلة ولها ظل وفي الجبل الذي غرب الساحل يمنة الماشي في الطلعة بلاد مسلاتة ذات زيتون كثير وزيته كاد أن لا تفرق بينه وبين السمن لا سيما الذي يضربونه في الماء وقد بين صفته الأخ السابق سيدي محمد الشريف وله أملاك هناك زاده الله فيها حتى يكون مشطرا لأهلها مع نفض اليد من الدنيا رأسا حتى تكون من الله وإليه وعلى هذه الحالة علمته الآن نعم مكنه الله من الزهد الحقيقي إذ الزهد على ثلاث مراتب زهد العامة في الدنيا فإنهم لا يفرحون إذا أتت ولا يحزنون إذا ذهبت وهذا الزهد أوجبه الله على كل مسلم وزهد الخاصة فإنهم يفرحون إذا ذهبت لأنها سم ويحزنون إذا أتت وأما الخاصة فلا يشاهدونها ذهابا واتيانا (1) لأنك إذا فرحت بذهاب أحد فليس ذلك إلا لكونه عظيما عندك وهذا معلوم في الشاهد وأخونا هذا غيبه الله عن الأكوان بمشاهدة المكون حقق الله لنا معه ذلك بمنه وكرمه أقول قال شيخ شيوخنا المذكور ما نصه عند ذكر ذلك الجبل الذي هو غرب ساحل حامد وفيه مسلاتة وغيرهم.
قال أبو سالم في رحلته وهو آخر الجبل الذي لا نظير له في الدنيا طولا وعرضا وخصبا وماء وقرى متصلة وعمرانا متراكبا وقبائل وافرة غالبها البربر وأوله من البحر المحيط أطراف السوس الأقصى ثم يمتد كذلك إلى أن يمر قبلي مراكش وهو المسمى جبل درن ثم يمتد كذلك إلى بلادنا ثم إلى أن يقارب البحر قرب تلمسان ثم لم يزل يساير البحر وإن كان يبعد عنه في بعض المواضع ويسمى في كل بلد باسم وربما تعددت أطرافه فيسمى كل طرف باسم إلى أن ينتهي هنا بأطراف برقة وقال صاحب تقويم البلدان أنه يمتد من أطراف السوس الأقصى من البحر المحيط إلى أن يبقى بينه وبين الإسكندرية خمس مراحل.
Bogga 222