============================================================
و الذي عمل له الصادقون ملك عظيم وعدهم على أعمالهم الأجر الكبير ، الباقي الذي لا ينفد، ولا يعترض فيه غم، ولا يعتري فيه حزن، ولا يحل بالعمال فيه سقم، ولا يختم عيشهم بالموت، ولا يتتبع عليهم فيه الحساب.
فعجبة، كيف خف على العمال للدنيا التثبت قبل أعمالهم، والنظر في أعمالهم بعد الفراغ (1) منها للقليل اليسير المنغص المكدر بالأحزان والأسقام، ثم يختم فراغهم بالموت، ثم يتتبع الله عليهم ذلك بالحساب من بعد الموت، في يوم الشدائد والأهوال، فيسألون عن أعماهم، كيف كان اكتسابهم وإنفاقهم وإمساكهم، وكيف كانت طاعتهم فيها لربهم جل وعلا.
وعجب، كيف لا يخف على المؤمن التثبت قبل فعله، والنظرو فيه بعد فراغه منه لثواب العظيم، والنعيم السليم، والعيش المقيم، ورضى الملك الكريم، من غير أن ينقصوا من آرزاقهم، ولا آجالهم، ولا يفوتهم ما قدر لهم فعجب لذلك، ثم عجب لولا متابعة اهوى، ونسيان نظر الملك الأعلى التفكر في يوم الفصل والجزاء.
قبالتحذير من ذلك اليوم، ختم الله عز وجل كتابه فيما يروى عن البراء بن عازب أنه قال: آخر آية نزلت من كتاب الله عز وجل (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)0).
وإن كانوا قد اختلفوا في آخر آية نزلت آخر القرآن ، فإن في هذه الآية عظة وعبرة.
وقال الحسن لثابت [البناني] (2) في مرضة مرضها : أوصني، فقال : أوصيك بيوم ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا (1) في ا: قبل الفراغ.
(2) سورة البقرة، الآية: 281.
(3) هو: ثابت بن أسلم البنافي، أبو محمد البصري، ثقة، عابد، من الطبقة الرابعة مات سنة بضع وعشرين. انظر: (تقريب التهذيب 115/1) .
Bogga 52