============================================================
منه ؟ فإذا تمثل في وهمه على ما يريد من الإحكام والتمام ابتدأ فيه ، حتى إذا فرغ منه اعترضه خشية أن يكون كان منه زلل أو نسيان فأخطأ فيه وفرط في إحكامه، فإن رأى تفريطا أتم ما بقي منه وأصلح ما فسد منه (1) .
فعمال الله عز وجل، أولى بذلك أن يتثبتوا قبل أعماهم، ويمثلوها في أوهامهم كيف تكون بعد فراغهم منها، ولا فراغ هم (2) من جميعها إلا عند موتهم و كذلك روي عن الحسن أنه قال : ما جعل (3) الله عز وجل ، لعمل المؤمن أجلا دون الموت، ثم قرأ : {وآعبد ربك حتى يأتيك اليقين) (4) يعني الموت.
وقيل لعمر بن عبد العزيز : لو تفرغت لنا؟ فقال : ذهب الفراغ فلا فراغ إلا عند الله عز وجل تعالى، وكذلك المستأجرون من أهل الدنيا : إنما فراغهم من أعمالهم إذا أتموها، وإنما يحكمونها ويستعرضونها بعد فراغهم منها قبل أن يعرضوها على من استأجرهم، لتكون على ما أراد وأحب، وكذلك عمال الله (5) جل وعز يتثبتون في أول أعماهم، ويعترضونها بعد فراغهم منها: كيف تكون إذا عرضت على خالقهم؟ هل هي كما يرضى بها عنهم؟ وهل أتموها كما أمرهم.
فشتان بينهما (3) : هذا مخلوق استأجر مخلوقا بقليل فان مكدر مزوج بالغموم ولا يخلو أن يناله (1) من هم يعترض، أو حزن يعتري، أو مصيبة فاجعة، أو سقم نازل، أو موت فاجىء، وفيه الحساب حتى يتتبع عليهم جميع ما عملوا واكتسبوا، فحاسبون عليه.
(1) أنظر : "الوصايا" الباب الرابع، وباب النية والرياء من "آداب النفوس" للمؤلف، من تحقيقنا .ا الأول طبعة دار الكتب العلمية، والثاني دار الجيل ، لبنان .
(2) في ط: فلا فراغ لهم.
(3) في ا: ما يجعل.
(4) سورة الحجر، الآية: 99.
(5) في ا : فعمال الله.
(6) في ا: وشتان.
(7) في المطبوعة ولا يخلو إن ناله منهم 52
Bogga 51