قال أحمد: النازلون على مصب الفرات هم الكلدانيون العلماء بحساب النجوم والقضاء بها؛ وهم أول من تكلم فى إخراج الضمير. فيريد الفيلسوف أنه إذا كان 〈من〉 غير المعتاص أن يتجاوز علم الإنسان الجسم الكثيف العكر اللحمانى الذى هو ثفل الطبائع فيصل إلى النفس البسيط فيقف على حركاتها ومرادها التى هى أسرع الحركات وألطفها، إذا يستعان بعلم القضاء بحركة الأشخاص العلوية — كذلك يجب على المنتحل لهذا العمل أن يستدل باستدلال الطبيعة، أعنى بها ما يجب أن يحدث فى شىء من الأشياء إذا عولج بنوع من التدبير، فيكون وقوفه عليه فى أوان وقوع الشىء كوقوفه عليه وقد فرغ من التدبير.
قال أفلاطون: وبالنفسانى ما يعلم الطبيعى، كما أن بالعقل ما يعرف النفسانى. فأما العقل فمنعتنا الطبيعة عن الجولان فيه فضلا عن الإحاطة.
قال أحمد: إن هذا القول قد جمع فيه الفيلسوف علة البدء والانقضاء وماهية ذلك والشىء الذى من أجله كانت الأشياء مما لا يستحق هذا الكتاب وصفه فيه لأنه يرتفع عنه. إلا أنى مضطر أن أكشف منه ما أتم به بيان لفظ الفيلسوف. ولولا أن يظن بى أنى جهلته، لكنت أحيد عنه وأتجاوزه إلى غيره؛ إلا أنى آتى بالاختصار دون التمام:
Bogga 159