النص الثاني:
نص عليه يوحنا المذكور في إنجيله، وفي الفصل السابع والثلاثين:
«أيها الأب القدوس احفظهم/ باسمك الذي أعطيتني، ليكونوا معك واحدا، كما نحن» «1».
هذا النص كالنص الذي قبله سواء، مؤكدا «2» في صرفه عن الحقيقة إلى المجاز المذكور، وبيانه: أنه عليه السلام، دعا الله عز وجل لتلامذته أن يكون حافظا لهم باسمه حفظا مثل حفظه له، ليحصل لهم بذلك الحفظ وحدة بالله، ثم أتى بحرف التشبيه، فقال: «كما نحن»؛ أي: تكون تلك الوحدة كوحدتي معك، فإن تكن وحدته مع الإله موجبة له استحقاق الإلهية، فيلزم أن يكون داعيا لتلامذته/ أن يكونوا آلهة.
وخطور ذلك ببال من خلع ربقة العقل، قبيح، فضلا عن من يكون له أدنى خيال صحيح، بل هذا محمول على المجاز المذكور، وهو أنه عليه السلام سأل الله أن يفيض عليهم من آلائه وعنايته وتوفيقه إلى ما يرشدهم إلى مراده اللائق بجلاله، بحيث لا يريدون إلا ما يريده، ولا يحبون إلا ما يحبه، ولا يبغضون إلا ما يبغضه، ولا يكرهون إلا ما يكرهه، ولا يأتون من الأقوال والأعمال إلا ما هو راض به، مؤثر لوقوعه، فإذا حصلت لهم/ هذه الحالة حسن التجوز. ويدل على صحة ذلك، أن إنسانا لو كان له صديق موافق غرضه ومراده بحيث يكون محبا لما يحبه، مبغضا لما يبغضه، كارها لما يكرهه، حسن أن يقول: أنا وصديقي واحد.
Bogga 41