غير أنه لا يفصح عن المعنى المتكامل الواضح ، الذي يمكن من خلاله إدراك مدى سعة المفهوم الذي يتضمنه هذا الاصطلاح في معنى الكلمة، إذ ليس من اللازم أن يكون مدلول الأشباه شاملا لكلمة النظائر أيضا.
والواقع أني لم أقف على تعريف جامع مانع لهذا المصطلح، اللهم الا ما ذكره الحموي في شرح "الأشباه" بقوله: ... "المراد بها (أي الأشباه والنظائ) المسائل التي يشبه بعضها بعضا مع اختلاف في الحكم لأمور خفية أدركها الفقهاء بدقة أنظارهم، وقد صنفوا لبيانها كتبأ كفروق المحبوبي (1) والكرابيسي (2)"(3) .
وحري بنا قبل تحديد مفهوم هذا المصطلح سواء أقررنا ما قاله الحموي - رحمه الله - أو نفيناه أن نشير إلى أصل تاريخي له وندقق النظر فيه حتى يتضح الموضوع بجلاء. ان أصل تلك الكلمات يرجع إلى كتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى ابي موسى الأشعري -رضي الله عنهما- حيث جاء فيه : "الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنة، اعرف الأمثال والأشباه، ثما قس الأمور عند ذلك، فاعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى"(4) .
انظر: ابن العماد: شذرات الذهب: 137/5.
(2) لعله العلامة أبو الفضل محمد بن صالح الكرابيسي، السمرقندي، فقيه حنفي، من كتبه: الفروق في فروع الحنفية. انظر: الزركلي : الأعلام: 32/7، أو هو أسعد بن محمد بن الحسين الكرابيسي النيسابوري (570ه) الذي ألف أيضا "الفروق" في الفقه. وقد حققه الأستاذ محمد طموم، وطبع في الكويت تحت إشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في جزءين.
(3) غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر: 18/1 . وانظر: النابلسي، مقدمة "كشف الخطائر عن الأشباه والنظائره، مخطوط.
(4) سنن الدارقطني بشرحه التعليق المغني: 206/4- 207؛ وأخرجه البيهقي بنفس اللفظ في السنن الكبري: 115/10.
Bogga 73