وقد أورد العلامة الدبوسي بعض الضوابط بعنوان "الأصل"، على سبيل المثال قوله: "الأصل عند علمائنا -رحمهم الله - : أن صلاة المقتدي متعلقة بصلاة الامام، ومعنى تعلقها أنها تفسد بفساد صلاة الإمام وتجوز صلات بجوازها، ... وعند الإمام القرشي أبي عبد الله الشافعي أن صلاة المقتدي غير متعلقة بصلاة الإمام".
ثم فصل هذا الأصل، واختلاف الإمامين فيه بعديد من الأمثلة، منها قوله : وعلى هذا أن مصلي الظهر إذا اقتدى بمصلي العصر فإنه لا يجوز عندنا، وعند الإمام القرشي... يجوز"(1).
فككل مثال من هذه الأمثلة يختص بباب معين، وليست هي في مرتبة القواعد التي تجمع فروعا مختلفة من آبواب شتى.
لكن هذا الفرق بين المصطلحين للقاعدة والضابط لم يكن موضع الاعتبار لدى كثير من المؤلفين في القواعد الفقهية. فإنهم لم يتمسكوا بهذا الفرق حيث أطلقوا على ما جمع من أحكام من باب واحد، أو أبواب مختلفة عنوان "القاعدة" لا و أحيانا عنوان "الكليات" أو "الأصول" . وليس أدل على ذلك مما نلحظ في كتب الفقه أنهم يطلقون كلمة "قاعدة" في بعض المواضع على فرع مخصوص من الفروع، وقد أومأ إلى ذلك العلامة تاج الدين السبكي في مقدمة "أشباهه" إذ يقول: افإن قلت: فخرج عن القاعدة نحو قول الغزالي في "الوسيط" : قاعدة: لوتحرم بالصلاة في وقت الكراهة، ففي الانعقاد وجهان . فقد أطلق القاعدة على فرع مخصوص؛ قلت : إنما أطلقها عليه لما تضمنه من المأخذ المقتضي، لأن فعل الشيء في الوقت المنهي هل ينافي حصوله أم لا؟ فلما رجع الفرع إلى أصل هو قاعدة كلية حسن إطلاق لفظ القاعدة عليه، وذلك نظير قوله أيضا: قواعد ثلاث: الأولى: المتطوعات... إلخ"(2). أما إطلاق "القاعدة" على الضابط، فهذا أمر شائع مطرد في المصادر الفقهية
(2) السبكي : الأشباه والنظائر "مخطوط"، و: 4 الوجه الثاني .
Bogga 49