فصاح السيد: لعل الخطة لم تكن محكمة، ألم يزل أبوهم وهو في كنف ذي الجلال؟! - صدقني يا مولاي، تحدتني صلابة تفجر اليأس في ينابيع الأمل.
وجاء دور التابع الثالث فقال: عثرت على أرملة جميلة وتعيسة، تكرس حياتها لتربية أربعة من الأبناء، وتشقى بأكثر من عمل وبلا معين، اعتقدت أنها لقطة لمن يريد أن يغوى، وأنني خصصت بمهمة يسيرة، ولكني وجدت الخيبة في بيت الرجاء، رغم تعدد الوسائل، وكثرة القوادين، والشقق المفروشة، كأنها ليست من ذرية حواء!
فتفكر السيد مليا وعيناه تتوهجان في الظلمة ثم قال: حسبنا ما سمعنا، لا نريد مزيدا من القرف، أنا نفسي منيت بالفشل، ولكن لا شيء يدعو لليأس؛ فالمسألة أنه إذا وجدت قلة صالحة في محيط من الفساد، فلا بد أن تكون على درجة من المناعة يتعذر غزوها، فلندعهم في سجنهم الاختياري، ولنلتفت إلى الفاسدين.
فقال أحد الأتباع محذرا: ليسوا في حاجة إلى إغواء، إنهم يسبقوننا إلى السقوط قبل أن تبدر منه حركة واحدة.
فضحك السيد بمرارة حتى تطاير الشرر من فيه، وقال : هنا يكمن سر أزمتنا، لم يعد الشر بحاجة إلى مهارتنا؛ لذلك انضممنا إلى زمرة العاطلين، وعلينا أن ننقذ أنفسنا من شرك البطالة.
تضمن حديثه دعوة إلى إبداء الرأي دون إفصاح، فقال تابع: لنعد الكرة بتصميم أشد.
فرمقه بازدراء ناري وقال: بل علينا أن نغير الخطة من جذورها.
فتطلعوا إليه بانتباه مركز فقال: لم يبق لنا إلا أن نرتدي أردية التقوى، ونسير في الأسواق لنوقظ الضمائر من جديد.
وتبادلوا نظرات الذهول فواصل السيد: للضرورة أحكام كما يقول بنو آدم. - ولكن لم نوقظ الضمائر الميتة؟ - كي يكثر الصالحون، فيتسع مجال الإغواء أمامنا.
فقال تابع بعد تردد: أفكار مولانا دائما صائبة، ولكننا لم ندرب على إيقاظ الضمائر! - من السهل تعلمها بالاندساس في الجوامع، ومتابعة أجهزة الإعلام. - يا سيدنا ومولانا، لو أن للكلام أثره المجدي لما تردى الحال إلى ما تردى إليه. - بقوة سحري نحصل على نتائج مشجعة.
Bog aan la aqoon