لا أهمية الآن لذلك. المهم أن صديقنا الذي أرجعنا إلى الماضي تساءل: ألا يعني ذلك أن الانتحار خدعة وخرافة؟!
وخضنا في حديث الانتحار طويلا، وهو ذو إحصائيات مثيرة وخاصة إذا تعلق بالأمم الراقية، ولكن الجو الجميل الذي نتنفسه دفعنا إلى التهوين من شأنه ووحشيته. - اليأس حال تمر وكأنه لم يكن. - تصوروا لو لم تنقذه العناية، فمن كان يحظى بالنجومية؟ ومن كان يشيد هذه السراي؟ ومن كان ينعم بهذه السعادة؟!
واقترح أحدنا أن نذكره بليلة الشطرنج، ولكنا رفضنا الاقتراح رفضا قاطعا. وإذا بالعريس يقبل نحونا، وجلس بيننا وهو يتساءل: هل ينقصكم شيء؟
فشكرنا، وأثنينا عليه بما هو أهله، وقال أحدنا: لا مطلب لنا إلا أن يديم الله عليك نعمته.
فحمد الله، ودهمه صمت مريب، ثم قال بنبرة اعتراف: صدقوني، أشعر أحيانا بأنني نلت فوق ما أتمنى، وأتمني ولو للحظة عابرة أن يأخذني الله من فوق قمة السعادة!
مؤامرة
الجو يقطر ظلاما، ولكن الأشباح تترامق في رجوم. السيد يتطاير غضبه شررا، والأتباع بين يديه يقومون في ذلة وكآبة، ويهدر السيد قائلا: يا لها من هزيمة لم تخطر لي على بال طيلة الأجيال المتعاقبة! ها نحن نتخبط في مستنقع البطالة السافرة.
وسرت همهمة مليئة بالاكتئاب، حتى قال أحد الأتباع: ما قصرنا ولا أهملنا ولا ترددنا، عني شخصيا فقد تخيرت رجلا صالحا لا تقاربه الإشاعات، وموضع ضعفه لا يخفى على أحد، فهو ذو دخل محدود وأعباء ثقيلة، أغريته بالمال رشوة، أو اختلاسا، ولكنه أبى بصلابة عجيبة، عرضت عليه اقتراحا براق المظهر؛ أن أقرضه مبلغا محترما ليستثمره في مصرف أو شركة، فتسد الفوائد القرض، ويبقى له بعد ذلك رزقا حلالا، فأعرض عني في استياء وكبرياء!
فتساءل السيد: ألم تذكره بما يجري حوله؟ - إنه يعرف كل شيء، حتى الأسماء يحفظها عن ظهر قلب.
وتحول نظر السيد إلى التابع التالي فقال: انتقيت رجلا يعتبر مثالا في التقوى والعفة، واستبشرت خيرا بحيويته الدفاقة وقوته الموفورة، سلطت عليه امرأة يذوب الصخر في دفء عينيها ورشاقة بنيانها، ولكني لم أدر من أين واتته المناعة الراسخة!
Bog aan la aqoon