Ingiriiska iyo Kanaalka Suez: 1854–1951
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
Noocyada
وجدت مصر نفسها في مركز محفوف بالخطر، من ناحية حدودها الغربية ومن ناحية الحدود الجنوبية الشرقية، وزاد الموقف ارتباكا أن موقف مصر بالنسبة لبريطانيا كان غير واضح وغير محدود.
فالموقف الدولي الجديد، والخطر المحدق بحدود مصر، بعث موضوع العلاقات المصرية البريطانية من جديد، وازداد الخطر على مصر وعلى مركز بريطانيا في الشرق الأدنى، بعد تفكير عصبة الأمم في فرض عقوبات على إيطاليا.
ولم تقف إيطاليا جامدة، ولم تقتصر مساعيها على تنمية نفوذها وقوتها في أثيوبيا، بل طلبت أن يعمل لمركزها في البحر الأبيض ومصر وقناة السويس حساب آخر، فلقد عزرت حامياتها في ليبيا، ووصل الأسطول الإيطالي في القوة إلى مركز مساو للأسطول البريطاني في البحر الأبيض المتوسط، إذ وصلت حمولته إلى 35٪ من مجموع حمولة الأسطول البريطاني كله، وكان الأسطول الإيطالي أحدث في نشأته، تعزره قوة جوية تجعل مركز الأسطول البريطاني وقواعده في مالطة والإسكندرية والقناة في خطر شديد، إذا قامت حرب بين بريطانيا، وكانت هذه الحرب محتملة الوقوع، لا سيما وأن إنجلترا لم تكن واثقة تماما من تأييد فرنسا البحري لها إذا تحرجت الأمور بينها وبين إيطاليا، وتخشى في نفس الوقت أن تنتهز اليابان هذه الفرصة لتسطو على ممتلكات إنجلترا في الشرق الأقصى، وتقضي على ما لإنجلترا من نفوذ في هذا الجزء من العالم.
ولقد كان اتجاه الرأي العام المصري مساعدا للحكومة المصرية في مسايرتها لسياسة إنجلترا بإزاء إيطاليا، فلقد كانت مصر الدولة الوحيدة خارج عصبة الأمم التي عملت على تنفيذ العقوبات التي فرضتها عصبة الأمم على إيطاليا، وكان احتجاج إيطاليا الشديد على تنفيذ مصر لهذه العقوبات، من العوامل التي عادت فأشعرت مصر بالخطر الإيطالي الداهم، لا سيما وأنه اقترح في بعض الأوساط السياسية أن يكون ضمن العقوبات إغلاق السويس في وجه السفن والمعدات الإيطالية.
وكان الإيطاليون مستعدين لاعتداء جديد إذا تحدت دولة مركزهم الجديد في شرق إفريقية، ورأى المصريون أنه أفضل لهم أن يصلوا إلى اتفاق مع إنجلترا، هذا خير لهم من الوقوع فريسة لغزو إيطالي محتمل الوقوع.
وشعرت إنجلترا من ناحيتها، بالرغم من وجود قوات الاحتلال، بضعف مركزها في مصر، فمركزها كان قائما على القوة والتهديد باستخدام القوة، هذا في الوقت الذي كانت فيه إنجلترا - برلمانها وصحفها، وحكومتها في الظاهر - تعيب على إيطاليا الالتجاء إلى القوة كوسيلة لفض منازعاتها مع الشعوب الأخرى ولقمع حرياتها.
وكانت الدعاية الإيطالية ضد إنجلترا قائمة على قدم وساق تحض مصر على التقرب من إيطاليا، وتندد بسياسة إنجلترا الإمبراطورية في مصر، وتطالب بنصيب في إدارة شركة قناة السويس، وظنت إيطاليا أن مطلبها الأخير ليس فيه إساءة للمصريين وإنما فيه كيد لفرنسا التي كان لها نصيب الأسد في إدارة القناة، فكانت إيطاليا تخشى دائما أن تغلق القناة في وجه سفنها وفي طريق مواصلاتها الإمبراطورية، وكما طالبت إيطاليا بنصيب في إدارة القناة طالبت بتخفيض الرسوم التي تفرضها الشركة على حركة المرور في القناة.
فالأزمة البريطانية الإيطالية في خريف سنة 1935 وجدت إنجلترا لا تزال لها الحرية المطلقة في استخدام الموانئ والأراضي المصرية بما فيها القناة بحريا وبريا وجويا، ولقد أثار تركيز القوات البريطانية في مصر لدى المصريين الفكرة القائلة بأن إنجلترا قد حولت مصر إلى معسكر معاد لإيطاليا، وهذا من شأنه أن يبرر اعتداء الدول المعادية للإنجليز على مصر.
ولذا فالأزمة الإيطالية الحبشية أثارت مسألة إعادة النظر في العلاقات المصرية البريطانية التي ظلت متوترة منذ صيف سنة 1882، ووجدت إنجلترا نفسها مضطرة إلى تعزيز قواتها في مصر لمقابلة الخطر الإيطالي.
ولكن الشعب المصري لم يكن يرضى عن ذلك الموقف الجديد، فالسكوت على ذلك قد يؤدي إلى سابقة خطيرة يستند عليها الإنجليز في المستقبل، وقد يؤدي في نفس الوقت إلى اعتداء إيطاليا على مصر، ثم فيه ما فيه من استهتار الإنجليز بالشعور الوطني في البلاد، لا سيما بعد أن أعلن مستر رنسيمان في خطاب انتخابي له في 18 أكتوبر سنة 1935 أن إنجلترا قد جعلت قاعدتها البحرية المهمة في الإسكندرية بدلا من مالطة.
Bog aan la aqoon