Ingiriiska iyo Kanaalka Suez: 1854–1951
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
Noocyada
يلاحظ في هذا المشروع أن إنجلترا اعترفت لأول مرة رسميا بأن القناة جزء لا يتجزأ من مصر، واعترفت بأنها طريق عالمية، وأنها وسيلة مهمة للمواصلات البريطانية بين أجزاء الإمبراطورية، كما اعترفت بأن الجيش المصري له الحق الأول في الدفاع عن القناة، ولكن نظرا لحالته الراهنة فتتعاون معه القوات الريطانية، وحددت أماكنها في الإسماعيلية، وهذا بلا شك تقدم على مشروع سنة 1928 من هذه الناحية.
ولقد انقطعت المفاوضات بين وزارة العمال ووزارة الوفد في 5 مايو، وظلت العلاقة بين الدولتين علاقة الضعيف بالقوي، وكانت الحكومة البريطانية مستعدة لأن تعيد الكرة في استعمال القوة كلما تحدى المصريون السياسة البريطانية، وكان وجود جيش الاحتلال رمزا لاستذلال المصريين وقمعهم، فكانت العلاقات بين الفريقين بصفة عامة علاقة عداء والجو بينهما مسموما.
استخدمت بريطانيا القوة في مارس سنة 1919 لقمع الثورة، ولجأت إلى استخدام القوة والتهديد عقب مقتل السير لي ستاك في 1924، فأرسلت إلى مصر بقوات برية وبحرية جديدة وفرضت شروطا عنيفة، وفي 30 مايو سنة 1927 أرسلت من مالطة إلى مصر ثلاث بوارج حربية لتأييد رأي إنجلترا في مسائل خاصة بتنظيم الجيش المصري، وبعد ذلك بسنة تقريبا ضغطت إنجلترا على حكومة القاهرة، وجاءت خمس سفن حربية بريطانية في 30 أبريل سنة 1928 لتأييد الإنذار النهائي للحكومة البريطانية، ولما قامت بعض الاضطرابات في يوليه سنة 1930 أرسلت إنجلترا سفنا حربية إلى الإسكندرية وبورسعيد والسويس، ثم جاءت سنة 1935 وأذن الله لذلك الجو أن يتغير.
الفصل السابع
موقف إنجلترا إزاء القناة من بعد 1935
تغير الجو السياسي الذي اعتادته إنجلترا طوال الخمسة عشر عاما التي تلت الحرب الكبرى الأولى.
فالظروف الدولية لم تعد مواتية لإنجلترا كما كانت في القديم، وهددت إنجلترا في قوتها البحرية وفي مركزها في البحر الأبيض المتوسط، فظهرت قوة إيطاليا الموسولينية جارفة، وأيدتها ألمانيا الهتلرية، وقبعت الروسيا في دورها تنظم شئونها الداخلية وتنتظر الفرصة لتنال من الرأسمالية الأوربية.
وأخذت النظم الدولية التي كانت إنجلترا قد ركنت إليها بعض الشيء في الانهيار، فعصبة الأمم لم يعد لها احترام كبير بعد أن نفضت الولايات المتحدة الأمريكية يديها منها ومن الأمور الأوربية، ونمت قوة اليابان في شرقي آسيا، وهددت تفوق إنجلترا ونفوذها في الصين وفي جنوب شرقي آسيا، وأصبحت الهند في ثورة دائمة على الحكم البريطاني مطالبة بالاستقلال، ونادت الشعوب المهضومة بحقها في تقرير مصيرها وثابرت في كفاحها، فانتهى عهد التهديد باستخدام القوة بالنسبة لإنجلترا، ووجدت أن مصلحتها تقتضي النظر إلى مصالح الشعوب بجانب الاهتمام بالمصالح الإنجليزية، وكانت إنجلترا قبل ذلك تنظر إلى مصالحها وحدها وتضعها فوق كل اعتبار.
وأهم العوامل التي كان لها الأثر الأكبر في توجيه سياسة إنجلترا نحو مصر موقف إيطاليا الفاشستية من أثيوبيا، فتبينت كل من إنجلترا ومصر ضرورة الوصول إلى تسوية الأمور المتنازع عليها بينهما ووضع علاقتهما على أساس جديد.
أما من حيث مصر فلقد تركت الأزمة الحبشية فيها أثرا بليغا، فلقد كانت ميول مصر وعواطفها إلى جانب الأحباش الذين كانوا يناضلون عن حريتهم، وكان على مصر أن تقرر موقفها في هذا النزاع المحتوم بين جارتيها، فإيطاليا جارة لمصر من الناحية الغربية، والحبشة جارتها من ناحية السودان، والطريق التي تصل بين الجارتين تمر في أراضي مصر، وهي قناة السويس.
Bog aan la aqoon