قيل له: لأنه قد يكون ساعة مستطيعا، وساعة عاجزا. والجوارح بحالها. كما يكون ساعة عالما، وساعة جاهلا، وساعة ساكنا. فوجب كونه مستطيعا بمعنى هو غيره، كما وجب أن يكون متحركا، بمعنى هو غيره. ولو كان متحركا لنفسه، لوجب أن لا يوجد إلا متحركا. فلما فسد ذلك، صح أن الاستطاعة هي غيره. وبالله التوفيق.
الباب السادس والثمانون
في الكفار هل يستطيعون الإيمان أم؟
... فالذي نقول: إن الكفار لا يستطيعون الإيمان لاشتغالهم بضده، إذ المؤمن لا يقدر أن يفعل الشيء وضده، في حال، كما لا يقدر أن يكون متحركا ساكنا في حال، ومؤمنا كافرا في حال. والكافر لا يطيق الإيمان، حتى يدع ما هو فيه من الكفر؛ لأنا نقول: إنه لا يستطيع الإيمان، لزمانة مانعة، وعلة حائلة، من قبل الله. فيكون معذورا عن العمل بالإيمان.
وإنما أوتي الكافر، من قبل نفسه فلذلك لم يكن معذورا لسوء الاختيار، الذي اختاره، من الكفر على الإيمان.
فالبارئ عز وجل أعطى الكفار القدرة، ومكنهم، وبين لهم الهدى إلى الإيمان، هدى البيان؛ لقوله تعالى: { وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى } فلم يقبل الكفار البيان، ويستعملوا الإيمان. فاستحبوا الكفر على الإيمان. فعملوا بالكفر: ففي حال عملهم بالكفر، لا يقدرون على عمل الإيمان، كما أن في حال عمل المؤمنين بالإيمان، لا يقدرون على الكفر وليس أحد الفريقين، لا يقدرون؛ لعلة من قبل الله تعالى، حائلة بينهم وبين ما يريدون عمله. فيكون الله قد أجبرهم على ذلك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وبالله التوفيق.
الباب السابع والثمانون
في الجبر على الطاعة والمعصية
والرد على المجبرة
قال المؤلف: اعلم أن أهل الجبر، زعموا أن الله تعالى، جبر خلقه، تعالى عن ذلك. وأنه تعالى إنما يعذب العباد على فعله، لا على أفعالهم.
Bogga 71