والحجة عليهم في ذلك: أنه لو كان يعذبهم على فعله، أنه أجبرهم، فيعذبهم على ما فعل هو فيهم، ما قال تعالى: { ذوقوا ما كنتم تكسبون } ولا قال تعالى: { ذلك بما قدمت يداك - وبما قدمت أيديكم } . وقال: { من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها } والمجبور لا يستحق ثوابا على عمل؛ ولا يستحق عقابا، على عمل عمله. فالبارئ عز وجل لم يجبر أحدا على طاعة، ولا معصية. ولكنه قد علم، من يعمل منهم بطاعته، ومن يعمل منهم بمعصيته، من قبل أن يخلقهم. فأراد إنفاذ ما علم، كما علم، من غير أن يكون العلم ساق العباد، إلى ما عملوا من المعاصي. ولكن سولت لهم أنفسهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم، حتى كان منهم ما علم الله.
مسألة:
عن أبي محمد قلت: أيقدر من علم الله منه المعصية، وأراد خلقها منه أن يفعل خلاف ما علم الله؟
قال: لا.
قلت: إذا هو مجبور.
فقال: ليس هو بمجبور. وإنما قلنا: إنه لا يقدر على فعل ما علم الله: أنه لا يفعله، المشاغلة بما فعل ما أمر به، أو نهى عنه.
فأما إن ترك ما اختار، فهو قادر، على ما اختار، في الحال التي يختار فيها الفعل الثاني. وهو لشغله بفعل، لا يقدر على فعل آخر. ولكنه قادر، على ترك ذلك في حال تركه، من غير مانع له، من تركه، ولا جابر بجبره، ولا حائل بينه وبينه من قبل الله. وإنما أوتي من قبل نفسه. وبالله التوفيق.
الباب الثامن والثمانون
في التفويض
قال المؤلف: ضلت المعتزلة والقدرية، بقولهم: إن المشيئة مفوضة إلى العباد.
وقالت القدرية: لا قدرة.
Bogga 72