الباب السادس والسبعون
في علم البارئ أزلي هو أم محدث؟
الدليل على أن علم البارئ قديم غير محدث: أنه تعالى لو خلق علمه، لآل إلى أنه قبل خلق علمه كان جاهلا. والجاهل ليس بإله إنما الإله: هو العالم القادر، ليس كمثله شيء. والفعل إنما هو معلوم بالعلم. ففسد أن يخلق علمه، إذ كان الفعل إنما هو معلوم بالعلم.
وقول الله تعالى: { لننظر كيف تعملون وحتى نعلم المجاهدين ونعلم من يتبع الرسول } ليس أنه تعالى جاهل بذلك. وإنما مراده أن يفعلوا لكي يعلم ما يكون من فعلهم ظاهرا، كما علمهن قبل كونه.
فإرادة البارئ أن يفعلوا، ليظهر الله عالى ما علمه منهم، قبل أن يعلموا، فيظهر ما عملوه من العدم، الذي علمه، في سابق علمه منهم إلى الوجود { ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى } بإظهار وجود عملهم، إذ كان البارئ لا يجازي العباد، بما علم منهم، في سابق علمه. وإنما يجزيهم فيما بين لهم، ويعقبهم على الأمر والنهي؛ لا على العلم عاملهم، بل على الأمر والنهي. وبالله التوفيق.
الباب السابع والسبعون
في البارئ تعالى أنه عالم بعلم أو عالم بنفسه؟
قال المؤلف: الدليل على أنه عالم بنفسه لا بعلم، هو غيره به علم: أنه لا يخلو، من أن يكون ذلك العلم قديما أو محدثا.
فأن يكن العلم الذي علم به قديما معه، وجب أم يكون معه شئ غيره، قديمين وفسد التوحيد.
وأن يكون محدثا، وجب أن يكون البارئ قبل حدوث علمه غير عالم، وكيف يحدث العلم لنفسه بلا علم، والفعل إنما يكون بالعلم والعلم قبل الفعل؟ وقول الله تعالى: { أنزله بعلمه } المعنى أنه أنزله وهو العالم به، ولو كان عالما بعلم، لكان حيا بحياة، وقادرا بقدرة، ومريدا بإرادة، وفاعلا بقوة عرضية هي غيره، وبالله التوفيق.
الباب الثامن والسبعون
في علم الله هو الله أم غير الله؟
فإن قال: أفتقولون: إن لله علما؟
قيل له: نعم.
Bogga 64