وقال بعضهم: إن الله تعالى يقول: { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء } وهذا خبر. والأخبار لا يجوز عليها النسخ. فيجوز أن يكون كلمه بالوحي منه.
... وبالجملة: إن كلام الله تعالى، ليس بحروف، ولا صوت؛ لأن الكلام لا يكون إلا باصطكاك حرفين. والبارئ عز وجل ليس بجسم؛ ليصطك حرفان، في فيه للكلام.
... وإنما جعل الله الكلام والحروف لنا نحن، لحاجتنا إلى الصوت والحروف. فليس كلام الله بحروف، ولا صوت، إذ لا يحتاج إليها تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وبالله التوفيق.
الباب الخامس والسبعون
في ذكر شيء من الفروق
الأول: الفرق بين الخالق والمخلوق
الفرق بين ذلك: أن الخالق قديم، والمخلوق محدث. والقديم لا يشبه المحدث إذ المحدث من فعل القديم. والفعل لا يشبه فاعله؛ لأن المخلوق لا يخلو من أن يكون جسما، أو عرضا أو جوهرا. وكل ذلك محدود منتاه.والبارئ يتعالى عن الحد والنهاية.
الفرق الثاني: بين صفات الخالق وبين صفات المخلوق.
فصفات البارئ تعالى قديمة.
وصفات المخلوق محدثة. والمحدث لا يشبه القديم.
الفرق الثالث: بين قدم البارئ وقدم خلقه.
والقديم على الحقيقة: هو الله الذي لا شيء قبله، ولا شيء بعده. ولا لقدمه أول، ولا له آخر ونهاية.
وقدم خلقه مجاز؛ لأن قدمهم إلى نهاية وبداية.
الفرق الرابع: بين علم البارئ وعلم خلقه.
فعلم البارئ تعالى، علم إحاطة، بالأشياء العالم بالعالم بها، قبل كونها، وبعد كونها. وليس عالما بعلم، بل عالم بذاته، لا بعلم هو غيره.
والمخلوق عالم بعلم، هو غيره. وقد يعلم بالأشياء، فيكون خلاف ما علم لليقين والاعتقاد. وعلمه بعلم بعد جهل، وبجهل بعد علم.
الفرق الخامس: بين قدرة الخالق وقدرة خلقه.
فالخالق قادر بنفسه، لا بشيء غيره.
والمخلوق قادر بقدرة، هي غيره. وهي عرض.
الفرق السادس: بين حياة البارئ وحياة خلقه.
Bogga 62