وإنما قال البارئ: { أأمنتم من في السماء } إنه تعالى فيها ليس بشخص. وإنما هو ومدبرها وحافظها؛ إذ هو خالقها.
وقيل في تفسير هذه الآية: أأمنتم عقوبة من في السماء حافظ مدبر رازق خالق، عالم سركم وجهركم. ولو كان في السماء حالا، على الحقيقة، أو قاعدا على العرش، على الحقيقة، ما قال تعالى: { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا } وإنما معهم، على العلم بهم والقدرة عليهم والإحاطة بهم، والتولي لتدبيرهم وحفظهم. لا يغيبون عنه، لا أنه معهم جثة وشخص - تعالى الله عن ذلك.
الباب السادس والستون
في الزوال والمجيء المعقولين ونفيهما عن الله عز وجل
قال المؤلف: زعمت المشبهة أن الله تعالى ذو زوال وانتقال، من مكان إلى مكان. فوصفوا الله تعالى بأقبح الصفات؛ لأنه تعلى إذا زال من مكان إلى مكان، فقد خلا منه ذلك المكان، الذي زال منه، وانتقل إلى غيره. ومن خلا من مكان، وشغل بآخر، فهو محدود، له نهاية وحدود، وانقطاع شخص، لتناهيه ومن كان كذلك، كان الهواء أكبر منه؛ لإحاطته وتناهيه، وحدوده وصغره، في جنب كبر الهواء وسعته - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وإنما معنى قول الله تعالى: { وجاء ربك والملك صفا صفا } أي جاء أمر ربك.
وقوله تعالى: { هل ينتظرون إى أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام } يعني هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله أمر الله، في ظلل من الغمام؛ لأن أمر الله إنما تنزل به الملائكة، كما قال الله تعالى: { ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم } ليس أنه تعالى جاء به بذاته، فوضعه بين أيديهم. ولكنه تعالى أرسل الكتاب إليهم، على يدي رسل من الملائكة والأنبياء عليهم السلام.
الباب السابع والستون
في الحجاب وتفسير ذلك
Bogga 53