ونفي القوة المعقولة العرضية عن الله رب العالمين زعم أهل الجهل والضلال: أن الله تعالى قوي، وأن قوته كالقوى المعقولة فيما بيننا المرضية، إلا أنه شديد القوة. وكذبوا على الله تعالى؛ لأن القوى العرضية، إنما تحل الأجسام. وأما البارئ عز وجل، فيوصف بأنه قوي على الحقيقة، يريدون بذلك، أنه قادر؛ لأن القوة تنصرف على وجوه: القوة: القدرة. والقوة: الملكة. والقوة: العدد. والقوة: السلاح؛ لأن القوة لا تحتمل إلا القوة العرضية التي تحمل الأجسام. فتلك عن الله منفية؛ لأنه عز وجل ليس بجسم، فتحل فيه الحوادث، وتطرأ عليه الأعراض الطارئة تعالى الله عز وجل عن ذلك.
الباب الرابع والستون
في النور وتفسيره
ونفي النور المعقول عن الله تعالى
زعم المفترون على الله: أن الله تعالى نور من الأنوار، وجسم من الأجسام النورانية. وذلك لا يكون إلا للأجسام المحدودة، القابلة للأعراض الطارئة تعالى الله عن ذلك. ولكن البارئ قال: { الله نور السموات والأرض } إنه الهادي يهدي من في السموات والأرض؛ لأن الهدى والحق نور. والضلال والباطل والظلم: ظلمات؛ لأن النور ما كان إلا ضوءا مستنيرا والله تعالى سمى القرآن نورا، والحق نورا، والإيمان نورا، والتوراة نورا
وإنما سمى الله تعالى نفسه نورا، على المجاز دون الحقيقة، بل توسعا ومجازا، إذ كان النور محدثا وعرضا. والله تعالى لا يشبه المحدثات والأعراض، بل ليس كمثله شيء. وهو السميع البصير.
الباب الخامس والستون
في الأمكنة والنواحي والأقطار
ونفيها عن الله عز وجل
قال المؤلف: زعمت المشبهة أن الله تعالى فوق العرش على سبيل الاستقرار والجلوس، وأنه ينزل ليلة النصف من شعبان، إلى سماءي الدنيا، كذبا على البارئ العلا - تعالى عن ذلك علوا كبيرا؛ لأن الذي يكون فوق العرش، العرش أقوى منه وأقدر، لأنه له حامل. والحامل أقوى من المحمول.
وكذلك الذي يكون في السماء، فالسماء أقوى منه؛ لأنها حاملة له وحاوية له، لأقطاره وتناهى أشخاصه.
Bogga 52