أما وجوبه بالكتاب فبالآية الشريفة وهي قوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلوة) (1) أي: إذا أردتم الصلاة، فعبر بالقيام عن الإرادة، مجازا من تسمية الشيء بما يؤول إليه، ومن عادة العرب التعبير عن أمور بالفعل.
أحدها: وقوع نفس الفعل وحقيقته.
ثانيها: مشارفة الفعل، كقوله تعالى: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) (2) أي: فشارفن انقضاء العدة، إذ بعد إنقضائها لا حكم لكم على المطلقات، وأكثر ما يكون تسمية مشارفة الفعل باسم الفعل بعد أداة الشرط.
ثالثها: تسمية إرادة الفعل باسم الفعل، وأكثر هذا بعد أداة الشرط أيضا.
رابعها: القدرة على الفعل تسمى باسم الفعل، نحو: (وعدا علينا إنا كنا فاعلين) (3) أي: قادرين على الفعل لتسببه عن القدرة والإرادة، والعرب تقيم السبب عن المسبب، وبالعكس.
واستنبط بعض من الآية وجوب النية في الوضوء، بتقدير: إذا أردتم القيام إلى الصلاة فتوضؤوا لأجلها.
وبالجلمة: فمذهب الآية فرض الوضوء المعين مع حكم الحديث حين وجوب الصلاة.
__________
(1) سبق تخريجها.
(2) البقرة / 231.
(3) الأنبياء / 104.
وأما بالسنة ففي (ح):" لا إيمان لمن لا صلاة له ولا صلاة لمن لا وضوء له، ولا صوم إلا بالكف عن محارم الله " (1)،و (ح): " لا صلاة بغير طهور " (2) والمراد به ما هو أعم من الوضوء، فدخل فيه الوضوء وغيره و (ح): " الطهور شطر الإيمان " (3) أي الأجر فيه نصف أجر الإيمان، أو إن الإيمان يجب ما قبله من الخطايا، وكذا الوضوء يجب ما قبله من الصغائر، لكن لما كان الصلاة.
وقوله تعالى: (وما كان الله ليضيع إيمانكم) (4) المراد بالإيمان هنا الصلاة، والطهارة شرط في صحة الصلاة، فصارت كالشطر، ولا يلزم من الشطر أن يكون نصفا حقيقيا أقوال رجح بعضهم الأخير (5)، وذلك على كل حال، دليل على وجوب الوضوء.
__________
(1) أخرجه الربيع، كتاب الطهارة، باب آداب الوضوء وفرضه، ص 30، ح (91)، من طريق: ابن عباس.
Bogga 18