2
عبيد. وكان قيصر يسيطر على إمبراطورية ثلثاها عبيد، وما كان المسلمون أحسن سيرا، ولكنهم كانوا أقوى دليلا، وكان محمد، كجوستينيان،
3
الذي عاش قبيل ظهوره، شاعرا بما بين مذهبه وبين الرق من تناقض، وهو لم يبد من الإقدام ما يدك به ركن الدولة ذلك مع ذلك مكتفيا بأمره بالرفق بالرقيق، وهو قد أخضع الكافرين من غير إكراه على اعتناق الدين. واليوم يمتنع المسلم في بلاد الرق عن حمل الزنجي على الإسلام لما يؤدي إليه إسلامه من إعتاقه، ولا مكان هنا لتصنع الحنان، ولا أحد يزعم تساوي الناس، الله أكبر، ودعنا نبيع الكافرين في دار الحرب إذن! ولم يعمل الخلف بما أمر به صاحب الشريعة من رفق بالموالي.
والرق في عهد أشد ملوك إسبانية كثلكة دام حتى القرن السادس عشر فدل ما ادثر به من رداء رثاء على درجة ابتعاد دين عيسى عن مذهب صاحبه أكثر من ابتعاد دين محمد عن مذهب صاحبه. ولما بدأ البرتغاليون، قبل كريستوف كولونبس، بتجارة الرقيق في الشاطئ الأفريقي الغربي كان لهم بلون جلود ضحاياهم راحة ضمير. ولما أخذوا يتصيدون الناس ويزربونهم بالألوف فوق سفنهم وينقلونهم إلى أمريكة الجنوبية اقتطافا لثمرات البلاد الحارة واستخراجا للذهب أوجبوا بذلك غزوا مصنوعا جاوز بنتائجه جميع ما تقدمه من المغازي، وتخلو أفريقية، ويصل الذهب من أمريكة ويثري الزراع ويفنى الزنوج.
وكما باع المسلمون النصارى يبيع النصارى الوثنيين في العصر الحاضر، وقد صرح أحد آباء الكنيسة العظام بأن الرق عمل صالح؛ وذلك لأنه يتيح لهؤلاء الكافرين من الحظ غير المنتظر ما يتنصرون به، ومن البابوات من قالوا موكدين: إن الرق نتيجة حتمية للخطيئة الأصلية، فكان موضع حمدهم، ثم جاء دور الإنكليز فأمضوا معاهدات لإمداد أمريكة بالعبيد. وإذا كان الأصحاب
4
الأولون من الإنكليز فإن شرف إيقاظ الضمير البشري يرجع إلى الولايات المتحدة. نعم، هز كلاركسن
5
شعور الإنكليز، ولكن الرأسماليين من النصارى استعانوا في القرن التاسع عشر بزملائهم من المسلمين في تجارة الرقيق، وما انفكت كتب الجغرافية المدرسية، حوالي سنة 1900، تعد العاج وريش النعام والمطاط والرقيق منتجات لبعض الدول الزنجية. والواقع أن كل من لا يحمل سيفا أو قلنسوة راهب في الحبشة يحسب عبدا.
Bog aan la aqoon