175

Nil Hayat Nahr

النيل: حياة نهر

Noocyada

بقعة ذات منافع.

وكانت الحبشة منذ القرن الثامن محاطة بمسلمين يستعبدون أسارى النصارى. وهل يوجد ما يوجب الشكوى من النصارى لسلوكهم هذا النجد بعد أن أتاهم السلطان؟ كان يجب أن يكونوا أرقى من إخوانهم البيض بأوروبة لئلا يفعلوا ذلك، وقد دام هذا أكثر من ألف عام، ومما رواه مبشرون حوالي سنة 1850 مشاهدتهم نخاسين من نصارى البرتغال هدموا قرى بأسرها وذبحوا 150 زنجيا ليغنموا 52 امرأة، وكانت الفتاة الغلاوية المليحة تساوي ثمنا يترجح بين 25 و0 تاليرا في أسواق الشمال.

وحاول بعض النظريين طويل زمن أن يدافعوا عن النخاسة، ومما كانوا يثبتونه خلو العهد الجديد من أي حظر لها، وكون مبدأ مساواة الناس أمام الرب ليس غير «تلطيف» للنص، وما كانت الثورة الفرنسية التي حاولت تطبيق هذا المبدأ في الحقل السياسي، ولا جهود الأصحاب، لتستطيع أن تقضي على النخاسة. وكان لا بد - لبلوغ ذلك - من سيادة النظام الآلي الذي يؤدي إلى بطالة كثير من الناس، ونقص قيمة العبيد في بعض الأصناف على الأقل، ويسفر نقص أثمان العبيد عن نقص في السخط، ويجد الرأسماليون البيض - ويتصفون بالحذر دوما - فرقا بين الرق والاتجار بالزنوج، فيحكمون على الأول مع الاستنكار (لخلوه من الربح) ويداومون على مزاولة الثاني.

وكيف يمكن الأحباش - الذين يجهزهم إخوانهم في المسيح بنعم الحضارة - أن ينالوا هذه النعم من غير بيع عاج وأناس؟ أجل، إن صيد الناس نقص إذا قيس بما كان عليه في القرن السادس عشر، ولكنه لم يبطل تماما، وللحل الحاضر من القيمة ما لمبدأ التسلح الذي يرثى له، ومن شأن إلغاء السلاح أن يؤدي إلى نظام أمور جديد. وعن العبيد قال سبيك: «إنهم مسحورون، فهم عاطلون من الشعور بقوتهم عطل الحيوانات الأهلية.»

ومن براهين البيض من النصارى أن الإعتاق الفوري يؤدي إلى تعس أناس غير أهل للحرية وارتباكهم بحس مسئولية جهلوها في كل زمن، ولا مراء في أن من المشاهد رجوع حيوانات إلى أقفاصها بعد أن سرحت ، ولكن صغارها التي ولدت حرة لم تفعل مثل هذا قط، ولا يصلح رفق بعض النخاسين - الذي يذكره المدافعون عن الرق - أن يكون دليلا مقبولا أكثر من تمجيد مروءة الطغاة. ومما يرى وجود عبيد يعاملون بأحسن مما يعامل به الخدم لما لا يعبر عنه الخدم بثمن. ومما يرى وجود قبائل كثيرة في الحبشة تعد من الجور بيع عبد أقام بينها زمنا طويلا، ولكن مثل هذا العبد يكون مهددا بالبيع على الدوام.

ويرى مع التوكيد أن المسلمين أكرم من النصارى في ذلك، ومن يكن له ولد من أمة يلزم بتحريرها مع أن قساوسة النصارى لا يعتقون عبيدهم. وبما أن القرآن يحرم الزواج بأكثر من أربع نسوة فإن من النادر أن يتزوج المسلم أمة كانت سرية لديه، والشريعة تكلأ

6

العبد في بعض الأحيان، فالعبد يحرر إذا ما فقأ سيده عينه، وهذه مبادلة جهنمية أدعى إلى الفزع من حق القتل!

وما هو مصير العبد بعد أن يحرر؟ هو يعد نفسه - من فوره - مساويا لأي شخص كان، وهو يدعو السود الآخرين بالوحوش، وهو إذا ما اكتسب - أو سرق - مالا اشترى عبيدا، وامتنع عن كل عمل وتعاطى النخاسة مفضلا إياها على غيرها. وإذ إن خوف الرب - لا السبب الأدبي - هو الذي أوجب تحريره فإنه يؤدي إلى أمور لاأخلاقية؛ وذلك لأن علل أعمال الإنسان تكون ذات رد فعل في نتائجها، فالعتيق الفاجر الكسلان المنتفخ يحاول كتم ماضيه ويفسد مستقبله، وهذا العتيق إذا ما أفلس عاد إلى مولاه القديم وركع أمامه، وتعدل الجناية القديمة في إبقاء الرجل عبدا بسبب مولده جناية حرمانه كل حق بسبب عقيدته. والرقية وحدها - لا المعذرة ولا المغفرة - هي التي تزيلهما.

الفصل الحادي عشر

Bog aan la aqoon