Napoleon Bonaparte ee Masar

Axmed Xaafid Cawad d. 1369 AH
162

Napoleon Bonaparte ee Masar

نابوليون بونابارت في مصر

Noocyada

Vigo-Rousillon

في دعواه «إننا لما كنا في الشرق اتبعنا عادات الشرقيين»! فلو سلمنا جدلا أن الشرقيين كانوا يفعلون بالأسرى مثل ذلك الفعل، فأين الفرق، على دعواكم، بين المدنية والهمجية، يا أبناء الثورة الفرنسية، ورافعي راية الإخاء والمساواة والحرية؟

إن يكن العدل الإلهي قد قضى، ولا راد لقضائه، أن يسلط الفرنساويين على أولئك الجند من رجال الجزار الظالم وغيرهم من الأرنئوط، والمماليك الظالمين، لما ارتكبوه من الشرور وهتك الأعراض، وقتل البريئين من عباد الله، سواء في سورية أو في مصر، فإن ذلك العدل الإلهي قد قضى أيضا أن يتفشي الطاعون في يافا ويفتك بالجنود الفرنساويين فتكا ذريعا حتى مات بسببه، في أيام قلائل، مئات من الجنود، وكاد يفضي الأمر إلى انتقاض الجيش وثورته على ضباطه، وحتى امتنع الأطباء عن العناية بالمرضى خوفا من العدوى، ولولا جرأة نابوليون «أو اعتقاده في طالع سعده» على الدنو من المطعونين ومحادثتهم، مما شجع قلوب الجند والضباط والأطباء، لقضي على تلك القوة الفرنسية في يافا وضواحيها قضاء مبرما.

6

بقيت الصفحة الأخيرة من تاريخ الحملة الفرنسية في سورية وهي حصار عكا، وفشل نابوليون بونابرت وعوده من آسيا بخفي حنين!

تفصيل الحصار وما أظهره الطرفان من آيات البسالة والإقدام ليس من موضوع كتابنا كما سبق لنا ذكر ذلك، ولكن أمورا كثيرة لها علاقة بتاريخ مصر، وتاريخ النزاع بين فرنسا وإنكلترا على وادي النيل، بدأت في حصار عكا وكان لها شأن يذكر في حوادث القرن التاسع عشر الميلادي، وهناك رجال كانت لهم اليد الطولى في التأثير على مركز الفرنساويين في مصر، بل وجلائهم عنها، لا نجد بدا من النظر في أمرهم، والحديث بشأنهم فنقول:

كان من أغراض نابوليون في حملته على الشام كما ذكر ذلك هو في تقريره لحكومة الديكتوار، بتاريخ 10 فبراير سنة 1799، «منع تموين الأسطول الإنكليزي من الموانئ السورية» فكان من مقتضى ذلك أن تبذل إنكلترا غاية جهدها في وقف تيار التقدم الفرنساوي في سورية، وكان ذلك من دواعي اتحادها مع الدولة العثمانية؛ ولذلك كلف السر سدني سميث قائد الأسطول الإنكليزي في الشرق أن يذهب إلى عكا ليساعد في الدفاع عنها، ولبذل كل الوسائل للقضاء على نابوليون وحملته، وكان للسر سدني سميث هذا الفضل الأول في فشل الحملة الفرنسية في المشرق باعتراف نابوليون نفسه.

وجدت في كتاب تاريخ الأمير حيدر الشهابي صورة فرمان بعث به سلطان تركيا إلى أهالي طرابلس الشام، وفيه ذكر للاتفاق مع الدولة البريطانية وللمهمة التي عهدت إلى السر سدني سميث هذا، والفرمان مكتوب بعبارة عربية مسجعة، وغريب في بابه، حتى لم أجد بدا من الإتيان على نصه، مثلا للمكاتبات الرسمية في ذلك الزمن وها هو نصه:

أقضى قضاة المسلمين نائب أفندي بطرابلس الشام وأعيانها عموما زيد قدرهم فليكن معلوما كما لا يخفى أن الفرنساويين الأوغاد قد هجموا على أخذ مصر القاهرة، وما يليها من البلاد، والآن قد احتلوا يافا وغزة والرملة وملحقاتها، وعلى زعمهم الفاسد يريدون تدمير أمة الإسلام، وهدم كعبتها وجوامعها فاقتضت صداقة المحب الصادق، والخل الموافق، أجل الأحباب، وكريم الأنساب، سعادة أخينا المحترم سلطان الإنكليز المفخم، المتحد معنا بإخلاص الطوية، على تدمير الأمة الفرنساوية، إنه لغزير مكارمه، ووافر مراحمه سير مع عمارتنا الهمايونية، عمارة إنكليزية، وأقام عليها ساري عسكر افتخار الأمراء الكرام في الطائفة المسيحية، وعظيم الكبراء الفخام في الملة العيسوية، جناب محبنا المحترم السير بلمام

7

Bog aan la aqoon