الإمام عبد الرحمن هو عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن سام بن كسرى انو شروان المالك الفارسي المشهور على ما قاله غير واحد . تقدم أنه لما سمع بانكسار أبي الخطاب وموته هرب من القيروان إلى المغرب ويقال أن عبد الرحمن لما خرج هاربا من القيروان لم يصحبه إلا ابنه عبد الوهاب ومملوك له وساروا في طريقهم يتناوب الابن والعبد حمل ذات الشيخ أو متاعه إلى أن وصلوا جبلا يسمى ( سو فجج ) والظاهر أنه كان عامرا بالأباضية أو كانوا قريبين منه وكان جبلا منيعا صعب المرتقى فاعتصموا به مرتقبين لحوق جيش أبي الأشعث ، فكان ما توقعوا وجاءهم بجيش كثيف طوق به الجبل من جوانبه وظل محاصرا إياهم مدة من الزمن فلم يحصل على شيء فعاد بخفي حنين بعد أن فقد مئات من رجاله بفعل الحمى وغيرها قائلا أن سوفجج لا يدخله إلا دارع و مدجج . ثم ان عبد الرحمن ومن التف حوله من الوجوه والأعيان قرروا الرحيل إلى المغرب الأوسط ( الجزائر ) حيث ألقى العصا بين جمع الأباضية من نفوسة وهوارة ومزاتة وغيرها فاختاروا لتأسيس المدينة موضعا تكتنف أطرافه القبائل المذكورة وكان غابة تقطنها السباع والوحوش فخرجت منها بإذن الله تحمل أولادها في أفواهها فبنوا به ( تيهرت ) الفيحاء دار العدل والمدنية والعلم والعمران فيما بعد ( 4 ).
Bogga 37