حملة العلم إلى المغرب من السابقين إلى نشر الدعوة الأباضية سلمة بن سعد وهو الذي شوق ببربر الغرب إلى شد الرحال والتوجه إلى المشرق لتلقي العلوم من الإمام أبي عبيدة المتقدم الذكر ، فرحل إليه على هذه النية عاصم السدراتي واسماعيل بن درار الغدامسي وأبو داود القبلي النفزاوي وعادوا حاملين لقب حملة العلم إلى المغرب يشاركهم في هذا اللقب الشريف أبو الخطاب الذي تولى الإمامة على نحو ما تقدم وعبد الرحما بن رستم الفارسي الذي صار قاضيا ثم عاملا لأبي الخطاب والذي أسس الخلافة الأباضية بتيهرت كما سيأتي شرحه هنا .
وأما تراجم هؤلاء وذكر كراماتهم هم وغيرهم من فضلاء الرجال الكثيرين من أهل المذهب فليس من وظيفة هذا المختصر ، فليراجع غيره من المطولات من يهمه الوقوف عليها كسير الشماخي وسير نفوسة القديم فإنه يرى ما يبهره .
خلافة بني رستم بتيهرت
الفترة التي بين فرار الإمام عبد الرحمن من القيروان سنة موت إمامه وبين تاريخ مبايعته بالخلافة رسميا بتيهرت هي شبيهة بغيرها من الفترات المجهولة الحوادث مثل التي بين حدوث نفس المذهب الأباضي بالمغرب وامتلاك الحارث وعبد الجبار لطرابلس ثم مبايعة أبي الخطاب بنحو تسع سنين ومن بعده مبايعة أبي حاتم بأكثر من ذلك فالظاهر أنه لا يتسنى لأي باحث كائنا من كان أن يظفر بشيء يمكنه من العلم بما وقع في هذه الفترات بوجه مفصل حتى يصل الحوادث بعضها ببعض لتأخذ شكلا مرتبا مضبوطا . هذا ونعود إلى تلخيص الخلافة الأباضية بتيهرت آسفين على ما فرط فيه الأوائل أو بالأحرى ما أتلفته الحوادث واستصفته الكوارث ولا حول ولا قوة إلا بالله (3 ).
Bogga 36