ومنه قد كان العدو خذله الله نهض ووصل إلى صدر فوجدها أمنع من عقاب لوح الجو، وعاد متخلف النية مخلف النو وكفى الله أمره وصرف شره. ومنه المملوك ينهى أنه وقف على نسخ الكتب العراقية المباركة وهي دالة على جميل النية، ووقوع الاهتمام بهذا الجانب وحمل إليهم بما يجري له مع الأعداء، والمشاركة المشكورة في (السراء والضراء) وأوهب أن يتلقى هذا الإحسان بغاية الاعتداد، ويجرد فيه لسان الشكر والاحماد وتوسع القول في أن جميل الآراء الشريفة هو العدة والعمدة والمرجو في الدنيا والآخرة، والعاجلة والآجلة، وتعجل إعادة الرسول فما يكون كلفته إلا واسعة والمطالب بإقامته متشتتة.
ومنه في صفة الرسول ومن يختار للرسالة وشروطها، إن كان ولابد من رسول فيلمح المولى من أمره النزاهة حيث لا يثقل تثقيلا لا ينفعنا، ويستثقل به من نفد إليه، والعقل حتى يعرف ما يأتي ويذر، والصدق فانه لاراى لدرب والاستقلال بالقول فان غيبة الحجة في وقتها خذلان عظيم والمولى يعرف من طلب فما ينبغي إن يقال مع معرفته خذ فلانا ودع فلان ولو أن عندنا عرضا مهما لكان إنهاض الفقيه قطب الدين النيسابوري واجبا لان حرمته كبيرة ومعرفته ثاقبة فلا يعدل عن استشارة ظهير الدين فقد تجرد لقضاء الحق والانصباب إلى هذا الجانب والتشهي بمحبته والخطب في جله.
ومنه في معنى شرف الدين بن عصرون وكان قد كف بصره، وحديث قاض قضاة دمشق لا يعجل في أمره ولا يستبدل به الأبعد ظهور الخيرة فيمن تقدمه فالمنصب كبير وجمع شروط الاختيار عسير وإيلام قلب رجل شارف منتهى عمره مع كونه لم يظهر منه ما يذم من اثر مما لا يحتاج إليه.
ومنه ونوبة العدو في الرملة فقد كانت عثرة علينا ظاهرة، وعلى العدو باطنها ولزمنا ما نسى من اسمها ولزمهم ما بقي من عزمها، ولا دليل أدل على القوة من المسير بعد شهرين من تاريخ وقعتها إلى الشام نخوض بلاد الفرنج بالقوافل الثقيلة والحشود الكثيرة، والذي تضمنه صاحب منبج عن الحلبيين والمواصلة فما هو إلا ظن توهمه اون نقلة ناقل يجب أن يتفهمه فأي سبب يحمل قوما افردتهم الأيام بلذاتهم، وقام المولى بينهم وبين أهل معاداتهم يسهر وهم ضاجعون ويتعب وهم وادعون، ثم إنهم قد جربوا ولدغوا وطلبوا فما بلغوا ما هو عنها بالحديث المرجم.
عاد الحديث قال: لما دخلنا دمشق وجدنا رسل دار الخلافة قد وصلوا بأسباب العاطفة والرأفة، وكان حينئذ صاحب المخزن ظهير الدين (١٨٢أ) أبو بكر منصور بن نصر العطار وهو من ذوي الأخطار وله التحكم في الإيراد والإصدار وقد توفر على محبة السلطان وتربية رجائه، وتلبية دعائه فوصل كتابه ورسوله بكل ما سر السرير، وكان الكتاب بخطه واقترح على السلطان أبياتا يكتبها في كتاب إليه بخط فقلت ما ضمنه الكتاب وهو:
وأفاض في شكر العوافر عارفا ... بقصور باع الشكر عن نعمائه
وتأمل الخط الكريم فأشرقت ... أنوار حسن من أثنائه
أضحى ظهير الدين أفضل صاحب ... يستمسك الداجي بصدق ولائه
مكاتبه فاضلية في التهنئة بمولود. الملوك يبل الأرض بالمقام العالي الناصري، نصر الله الإسلام بمقامه واهلك أعداء الحق بانتقامه ويهنىء المولى بنعمة الله عنده وعند الإسلام وأهله من زيادة في ولده وكثرة في عدد وهو الأمير أبو سليمان داود أنشاه الله نشوة صالحي خلقه، وجعله كما جعل أباه من أنصار حقه، وكانت ولادته في الساعة الرابعة من ليلة الأحد لسبع بقين من ذي القعدة ومن الله بكمال خلقه ووسامة وجهه وسلامة أعضائه وتهلل عزته وابتسام أسرته ودل على أن هذا البيت الكريم فلك الإسلام لا يطلع فيه إلا بدر البدور كما دل على عناية ربه بابيه فانه تعالى قال: " يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور".
وهذا الولد المبارك هو الموفى لاثني عشر ولدا بل لاثني عشر نجما توقد فقد زاد الله في أنجمه عن أنجم يوسف ﵇ نجما ورآهم المولى يقظة ورأى هو تلك الأنجم حلما ورآهم ساجدين له ورأينا الخلق له سجودا وهو سبحانه قادر على أن يزيد حدود المولى حتى نراهم آباء وجدودا.
1 / 58