جحيمًا مستعرًا من الخطايا والذنوب والآثام، وتحليل الهم الشريف ظلمة مطبقة على القلب والنفس، والقلق السامي تدميرًا لبنيان الله الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ﷾" على ما قال شيخنا محمود محمد شاكر (١) . والرمز عنده ضرب من الجبن اللغوي. يقول حفظه الله:
"فاللغة إذا اتسمت بسمة الجبن كثر فيها "الزمر" وقل فيها الإقدام على التعبير الصحيح الواضح المفصح. ولا تقل إن "الكناية" شبيهة بالرمز، فهذا باطل من قبل الدراسة الصحيحة لطبيعة "الزمر" وطبيعة "الكناية". و"المجاز". وأنا أستنكف من "الرمز" في العربية؛ لأن للعربية شجاعة صادقة في تعبيرها، وفي اشتقاقها، وفي تكوين أحرفها، ليست للغة أخرى. وإذا كانت اللغة هي خزانة الفكر الإنساني، فإن خزائن العربية قد ادخرت من نفيس البيان الصحيح عن الفكر الإنساني، وعن النفوس الإنسانية، ما يعجز سائر اللغات، لأنها صفيت منذ الجاهلية الأولى المعرفة في القدم، من نفوس مختارة بريئة من الخسائس المزرية، ومن العلل الغالبة، حتى إذا جاء إسماعيل نبي الله، ابن إبراهيم خليل الرحمن، أخذها وزادها نصاعة وبراعة وكرما، وأسلمها إلى أبنائه من العرب، وهم على الحنيفية السمحة دين أبيهم إبراهيم، فضلت تتحدر على ألسنتهم مختارة مصفاة مبرأة، حتى أظل زمان نبي لا ينطق عن الهوى، ﷺ، فأنزل الله بها كتابه بلسان عربي مبين، بلا رمز مبنى على الخرافات والأوهام، ولا ادّعاء لما لم يكن، ولا نسبة كذب إلى الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. فمن أجل ذلك كرهت
_________
(١) أباطيل وأسمار ص ٣٧٢.
1 / 10